للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض السلف: كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب: العالي والمنخفض (١).

وفي «السنن» (٢) عن ابن عمر يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لبِس ثوبَ شهرةٍ ألبسه الله يومَ القيامة ثوبَ مَذَلَّةٍ، ثم تُلهَّب فيه النار» (٣). وهذا لأنه قصد به الاختيال والفخر، فعاقبه الله بنقيض ذلك، فأذلَّه؛ كما عاقب (٤) من أطال ثيابه خُيَلاء بأن خسَف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة (٥).

وفي «الصحيحين» (٦) عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جرَّ ثوبه خُيَلاءَ لم ينظر الله إليه يوم القيامة».

وفي «السنن» (٧) أيضًا عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسبالُ في الإزار،


(١) حكاه شيخ الإسلام في «القرمانيّة» ضمن «جامع المسائل» (٧/ ١٤١). وأخرج ابن أبي الدنيا في «التواضع» (٦٤) و «إصلاح المال» (٤٠٣) عن سفيان الثوري قال: «كانوا يكرهون الشهرتين: الثياب الجياد ... والثياب الرديئة ... ».
(٢) أبو داود (٤٠٢٩) والنسائي في «الكبرى» (٩٤٨٧) وابن ماجه (٣٦٠٦) من حديث عبد الله بن عمر، وأخرجه أحمد (٥٦٦٤، ٦٢٤٥)، وفيه شريك بن عبد الله القرشي المدني، صدوق يخطئ، ومهاجر الشامي، فيه لين. وخالف شريكًا أبو عوانة فيما رواه أبو داود (٤٠٢٩، ٤٠٣٠) حيث وقفه على ابن عمر، وفيه أيضًا مهاجر الشامي. ورجح أبو حاتم الوقف كما في «العلل» (١٤٧١). وله شواهد يتحسَّن بمجموعها الحديث إن شاء الله من قول ابن عمر، وله حكم المرفوع إذ لا يقال مثله من قبل الرأي.
(٣) ما عدا ع: «في النار». وفي ق، مب، ن: «تلتهب».
(٤) ج: «يعاقب»، ولعله سهو.
(٥) كما في حديث أبي هريرة في البخاري (٥٧٨٩) ومسلم (٢٠٨٨).
(٦) البخاري (٣٦٦٥، ٥٧٨٣، ٥٧٨٤) ومسلم (٢٠٨٥).
(٧) أبو داود (٤٠٩٤) ــ من طريق هناد بن السري وهو في «زهده» (٨٤٧) ــ والنسائي في «المجتبى» (٥٣٣٤) و «الكبرى» (٩٦٣٧) وابن ماجه (٣٥٧٦) من طريق عبد العزيز بن أبي روّاد عن سالم عن أبيه. وابن أبي روّاد صدوق فيه لين، وقد تفرد بزيادة: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة» دون سائر أصحاب سالم الذين لم يذكروها، وحديثهم في «الصحيحين» وغيرهما. فهذه الزيادة منكرة، والصحيح الموقوف على ابن عمر، وهو الحديث الآتي.