للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصِّدِّيق ومَن بَعْده من الخلفاء الرَّاشدين لم يجعلوا ما خلَّفه من الفيء ميراثًا يُقْسَم بين ورثته، بل دفعوه إلى عليٍّ والعباس يعملان فيه عملَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى تنازعا فيه وترافعا إلى أبي بكرٍ وعمر، ولم يقسم أحدٌ منهما ذلك ميراثًا، ولا مَكَّنا منه عباسًا وعليًّا، وقد قال تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} إلى آخر الآية [الحشر: ٧ - ١٠].

فأخبر سبحانه أنَّ ما أفاءه على (١) رسوله بجملته لمن ذُكِر في هؤلاء (٢) الآيات، ولم يخصَّ منه خُمُسه بالمذكورين، بل عمَّم وأطلق واستوعب، ويُصْرف على المصارف الخاصَّة، وهم أهل الخمس، ثمَّ على المصارف العامَّة، وهم المهاجرون والأنصار وأتباعهم إلى يوم القيامة (٣).

فالَّذي عمل به هو وخلفاؤه الرَّاشدون هو المراد من هؤلاء الآيات، ولذلك قال عمر بن الخطَّاب فيما رواه أحمد وغيره (٤) عنه: «ما أحدٌ أحقَّ


(١) س، ب، ث، ي: «ما أفاء الله ... ».
(٢) س، د، ب: «هذه».
(٣) المطبوع: «الدين» خلاف النسخ.
(٤) في «المسند» (٢٩٢) من طريق مالك بن أوس عن عمر - رضي الله عنه - . وقد أُعِلَّ بعنعنة ابن إسحاق وهو مدلس، لكنه توبع. كما أُعلَّ بضعف محمد بن ميسر الصاغاني، لكن تابعه محمد بن سلمة عند أبي داود (٢٩٥٠) ومن طريقه الضياء في «المختارة»: (١/ ٣٩٥) بنحوه، دون قوله: «والله لئن بقيت .. ».