للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن شئت وامْنَع مَن شئت، لا نحاسبك، وهذه المرتبة هي التي عُرضت على نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - فرغب عنها إلى ما هو أعلى منها، وهي رتبة العبوديَّة المحضة التي تصرُّفُ صاحِبِها فيها مقصورٌ على أمر السَّيِّد في كلِّ دقيقٍ وجليلٍ.

والمقصود أنَّ تصرُّفه في الفيء كان (١) بهذه المثابة، فهو مُلْكٌ يخالف حكم غيره من المالكين، ولهذا كان ينفق من الفيء الذي أفاء (٢) الله عليه ممَّا لم يوجِف المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ على نفسه وأهله نفقةَ سنَتِهم، ويجعل الباقي في الكُراع والسِّلاح وسبيل (٣) الله عزَّ وجلَّ، وهذا النَّوع من الأموال هو السَّهم (٤) الذي وقع بعدَه فيه مِن النِّزاع ما وقع إلى (٥) اليوم.

وأمَّا الزَّكوات والغنائم وقسمة المواريث فإنَّها معيَّنةٌ لأهلها لا يَشْرَكهم غيرهم فيها (٦)، فلم يُشكِل على ولاة الأمر بعده من أمرها ما أشكل عليهم من الفيء، ولم يقع فيها من النِّزاع ما وقع فيه، ولولا إشكال أمره عليهم لما طلبت فاطمةُ بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميراثها من تركته، وظنَّت أنَّه يورث عنه ما كان ملكًا له كسائر المالكين، وخفي عنها (٧) - رضي الله عنها - حقيقة الملك الذي ليس ممَّا يورث عنه، بل هو صدقةٌ بعده، ولمَّا علم ذلك خليفته الرَّاشد البارُّ


(١) سقطت من المطبوع.
(٢) ط الفقي والرسالة: «ينفق مما أفاء» خلاف النسخ.
(٣) المطبوع: «والسلاح عدة في سبيل ... » خلاف النسخ.
(٤) ز، د، ن، وط الهندية: «القسم».
(٥) ز، د، ب: «وإلى».
(٦) «فإنها معينة ... » إلى هنا ليست في س، ث، ي.
(٧) المطبوع: «عليها».