للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على بعضٍ، ثمَّ مَن سلّم أنَّ كفر عبَدَة الأوثان أغلظ من كفر المجوس (١)؟ وأيُّ فرقٍ بين عبادة (٢)

النيران والأوثان؟! بل كفر المجوس أغلظ، وعبَّاد الأوثان كانوا يقرُّون بتوحيد الرُّبوبيَّة، وأنَّه لا خالق إلا اللَّه، وأنَّهم إنَّما يعبدون آلهتهم لتقرِّبهم إلى الله سبحانه، ولم يكونوا يقرُّون بصانِعَين للعالَم، أحدهما: خالقٌ للخير، والآخر للشَّرِّ، كما تقوله المجوس، ولم يكونوا يستحلُّون نكاح الأمَّهات والبنات والأخوات، وكانوا على بقايا من دين إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه.

وأمَّا المجوس فلم يكونوا على كتابٍ أصلًا، ولا دانوا بدين أحدٍ من الأنبياء، لا في عقائدهم ولا شرائعهم، والأثر الذي فيه أنَّه كان لهم كتابٌ فَرُفِع ورُفِعت شريعتهم لمَّا وقع ملكهم على ابنته، لا يصحُّ البتَّة (٣)، ولو صحَّ لم يكونوا بذلك من أهل الكتاب، فإنَّ كتابهم رُفع وشريعتهم بطَلَت فلم يبقوا على شيءٍ منها.

ومعلومٌ أنَّ العرب كانوا على دين إبراهيم عليه السَّلام، وكان له صحفٌ


(١) غيّر العبارة في طبعتي الفقي والرسالة إلى: «ثم إن كفر عبدة الأوثان ليس أغلظ من ... ».
(٢) س، د، ط الهندية: «عبدة» ..
(٣) أخرجه الشافعي في «الأم»: (٥/ ٤٠٧)، وأبو يعلى في «المسند» (٣٠١)، والبيهقي في «الكبرى»: (٩/ ١٨٨) موقوفًا على علي - رضي الله عنه - ، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: (٦/ ١٢): «فيه أبو سعد البقال، وهو متروك»، وقد ضعفه جلُّ النقاد، كابن معين والبخاري والنسائي. وضعف الحديثَ ابنُ عبد البر، ونقل تضعيفه عن أبي عبيد. ينظر «التلخيص الحبير»: (٣/ ٣٧٩).