للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوفَى لي» (١).

فتضمَّن هذا الحكم أمورًا:

أحدها: أنَّ الرَّجل إذا شَرَط لامرأته (٢) أن لا يتزوَّج عليها لَزِمه الوفاء بالشَّرْط، ومتى تزوَّج عليها فلها الفسخ. ووجه تضمُّن الحديث لذلك: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنَّ ذلك يؤذي فاطمة ويَرِيبها، وأنَّه يؤذيه - صلى الله عليه وسلم - ويَرِيبه، ومعلومٌ قطعًا أنَّه إنَّما زوَّجه فاطمةَ على أن لا يؤذيها ولا يَريبها ولا يؤذي أباها - صلى الله عليه وسلم - ولا يَرِيبه، وإن لم يكن هذا مُشْتَرطًا في صُلب العقد، فإنَّه من المعلوم بالضَّرورة أنَّه إنَّما دخلَ عليه.

وفي ذِكْره - صلى الله عليه وسلم - صهره الآخر، وثنائه عليه بأنَّه حدَّثه فصدَقَه، ووعدَه فوفَى له= تعريضٌ بعليّ - رضي الله عنه - وتهييجٌ له على الاقتداء به، وهذا يُشعر بأنَّه قد جرى منه وعدٌ له بأنَّه لا يَرِيبها ولا يؤذيها، فهيَّجه على الوفاء له، كما وفى له صهرُه الآخر.

فيؤخذ من هذا أنَّ المشروط عُرفًا كالمشروط لفظًا، وأنَّ عدمه يملِّك الفسخَ لمُشْتَرِطه، فلو فُرض مِن عادة قومٍ أنَّهم لا يخرجون نساءهم من ديارهم ولا يمكِّنون أزواجَهم مِن ذلك البتَّة، واستمرَّت عادتُهم بذلك= كان كالمشروط لفظًا.

وهذا مطَّردٌ على قواعد أهل المدينة، وقواعد أحمد: أنَّ الشَّرط العرفيَّ


(١) أخرجه البخاري (٣١١٠، ٣٧٢٩) ومسلم (٢٤٤٩) من حديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -.
(٢) في المطبوع: «لزوجته» خلاف النسخ.