للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدخلونها في قوله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] ولا يخرجونها بقوله: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} ويحتجُّون بقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «حرِّموا من الرَّضاع ما يَحرُم من النَّسب» (١)، قالوا: وهذه الحليلة تحرم إذا كانت لابن النَّسب، فتحرم إذا كانت لابن الرَّضاع. قالوا: والتَّقييد لإخراج ابن التَّبنِّي لا غير، وحرَّموا من الرَّضاع بالصِّهر نظير ما يحرم بالنَّسب.

ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا: لا تحرم حليلة ابنه من الرَّضاعة لأنَّه ليس من صُلبه، والتَّقييد كما يخرج حليلة ابن التَّبنِّي يخرج حليلة ابن الرَّضاع سواءٌ ولا فرق بينهما. قالوا: وأمَّا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «يحرم من الرَّضاع ما يَحرُم من النَّسب» فهو من أكبر أدلَّتنا وعمدتنا في المسألة، فإنَّ تحريم حلائل الآباء والأبناء إنَّما هو بالصِّهر لا بالنَّسب، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قصَرَ (٢) تحريمَ الرَّضاع على نظيره من النَّسب لا على شقيقه من الصِّهر، فيجب الاقتصار بالتَّحريم على مورد النَّصِّ.

قالوا: والتَّحريم بالرَّضاع فرعٌ على تحريم النَّسب لا على تحريم المصاهرة، فتحريم المصاهرة أصلٌ قائمٌ بذاته، والله سبحانه لم ينصَّ في كتابه على تحريم الرَّضاع إلا من جهة النَّسب، ولم ينبِّه على التَّحريم به من جهة الصِّهر البتَّة، لا بنصٍّ ولا إيماءٍ ولا إشارةٍ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يحرّم به ما يحرم من النَّسب، وفي ذلك إرشادٌ وإشارةٌ إلى أنَّه لا يحرّم به ما يحرم بالصِّهر، ولولا أنَّه أراد الاقتصار على ذلك لقال: حرِّموا من الرَّضاع ما يحرم من


(١) أخرجه البخاري (٤٧٩٦، ٥١١٠، ٦١٥٦)، ومسلم (١٤٤٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) ز: «قصر نص»، ووقع في ح اضطراب وتقديم وتأخير في العبارة.