للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: نعم، وكذلك نقول إذا وطئ أمتَه: حَرُمت عليه أمُّها وابنتُها.

فإن قيل: فأنتم قد قرَّرتم أنَّه لا يشترط الدُّخول بالبنت في تحريم أمِّها فكيف تشترطونه هاهنا؟

قلنا: لتصير مِن نسائه، فإنَّ الزَّوجة صارت من نسائه بمجرَّد العقد، وأمَّا المملوكة فلا تصير من نسائه حتَّى يطأها، فإذا وطئها صارت من نسائه فحَرُمت عليه أمُّها وابنتها.

فإن قيل: فكيف أدخلتم السُّرِّيَّة في نسائه في آية التَّحريم ولم تدخلوها في نسائه في آية الظِّهار والإيلاء؟

قيل: السِّياق والواقع يأبى ذلك، فإنَّ الظِّهار كان عندهم طلاقًا، وإنَّما محلُّه الأزواج لا الإماء، فنقله الله سبحانه عن الطَّلاق إلى التَّحريم الذي تُزيله الكفَّارة، وأبقى محلّه، فنقلَ حكمَه وأبقى محلَّه (١)، وأمَّا الإيلاء فصريحٌ في أنَّ محلَّه الزَّوجات لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧].

وحرَّم سبحانه حلائل الأبناء، وهنَّ موطوآت الأبناء بنكاحٍ أو ملك يمينٍ، فإنَّها حليلةٌ بمعنى محلَّلةٍ، ويدخل في ذلك ابنُ صُلْبه وابن ابنه وابن ابنته، ويخرج من ذلك ابنُ التَّبنِّي، وهذا التَّقييد قصد به إخراجه.

وأمَّا حليلة ابنه من الرَّضاع، فإنَّ الأئمَّة الأربعة ومَن قال بقولهم


(١) هكذا في النسخ سوى ب، وط الهندية ففيها: «تزيله الكفارة، ونقل حكمه وأبقى محله».