للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنسائكم الأولى والثَّانية، وأنَّه لا تحرم الأمُّ إلا بالدُّخول بالبنت (١)، وهذا يردُّه نظمُ الكلام، وحيلولة المعطوف بين الصِّفة والموصوف، وامتناع جعل الصِّفة للمضاف إليه دون المضاف إلا عند البيان، فإذا قلت: «مررتُ بغلام زيدٍ العاقل» فهو صفةٌ للغلام لا لزيدٍ إلا عند زوال اللَّبس، كقولك: «مررت بغلام هندٍ الكاتبة». ويردُّه أيضًا جعل (٢) صفة واحدة لموصوفين مختلفَيِ الحكم والتَّعلُّق والعامل، وهذا لا يُعرَف في اللُّغة التي نزل بها القرآن.

وأيضًا فإنَّ الموصوف الذي يلي الصِّفة أولى بها لجواره (٣)، والجار أحقُّ بصَقَبِه (٤) ما لم تدع ضرورةٌ إلى نقلها عنه، أو تخطِّيها إيَّاه إلى الأبعد.

فإن قيل: فمن أين أدخلتم ربيبتَه التي هي بنت جاريته التي دخل بها وليست من نسائه؟

قلنا: السُّرِّيَّة قد تدخل في جملة نسائه، كما دخلت في قوله: {(٢٢٢) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣]، ودخلت في قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، ودخلت في قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢].

فإن قيل: فيلزمكم على هذا إدخالها في قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] فتحرُم عليه أمُّ جاريته؟


(١) ينظر «الجامع لأحكام القرآن»: (٥/ ١٠٦، ١١٢).
(٢) د، ب: «جعله». وغير محررة في ن.
(٣) ح، ز: «لجوازه»، خطأ.
(٤) ز، ب: «بصفته»، خطأ.