للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمِّ في تحريم الرَّبيبة كالدُّخول (١) بها، لأنَّه يكمل الصَّداق، ويوجب العدَّة والتَّوارث، فصار كالدُّخول، والجمهور أبوا ذلك، وقالوا: الميِّتة غير مدخولٍ بها فلا تحرم ابنتها، والله تعالى قيَّد التَّحريم بالدُّخول، وصرَّح بنفيه عند عدم الدُّخول (٢).

وأمَّا كونها في حِجْره، فلمَّا كان الغالب ذلك ذكرَه لا تقييدًا للتَّحريم به، بل هو بمنزلة قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: ٣١] ولمَّا كان من شأن بنت المرأة أن تكون عند أمِّها فهي في حجر الزَّوج وقوعًا وجوازًا، فكأنَّه قيل: اللَّاتي من شأنهنَّ أن يكنَّ في حجوركم، ففي ذِكْر هذا فائدةٌ شريفةٌ، وهي جواز جَعْلها في حِجْره، وأنَّه لا يجبُ عليه إبعادها عنه، وتجنُّب مؤاكلتها، والسَّفر والخَلْوة بها، فأفاد هذا الوصف عدم الامتناع من ذلك.

ولمَّا خفيَ هذا على بعض أهل الظَّاهر (٣)، شَرَط في تحريم الرَّبيبة أن تكون في حِجْر الزَّوج، وقيَّد تحريمها بالدُّخول بأمِّها، وأطلق تحريم أمِّ المرأة ولم يقيِّده بالدُّخول، فقال جمهور العلماء من الصَّحابة ومَن بعدهم: إنَّ الأمَّ تحرم بمجرَّد العقد على البنت، دخل بها أو لم يدخل، ولا تحرم البنت إلا بالدُّخول بالأمِّ، وقالوا: أبهموا ما أبهم اللَّه.

وذهبت طائفةٌ إلى أنَّ قوله: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] وصفٌ


(١) ز، ب: «كالمدخول».
(٢) ينظر «المغني»: (٩/ ٥١٧)، و «شرح البخاري»: (٧/ ٢٠٦) لابن بطال، و «نهاية المطلب»: (١٢/ ٣٢٤)، و «أعلام الموقعين»: (٥/ ١١٨ - ١١٩)، و «مجموع الفتاوى»: (١٥/ ٣٠٤).
(٣) ينظر «المحلى»: (٩/ ١٤١ - ١٤٥).