للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمَّاتٌ له، الأوَّل بطريق النَّصِّ، والآخر بتنبيهه، كما أنَّ الانتشار إلى الأمِّ بطريق النَّصِّ وإلى الأب بطريق تنبيهه.

وهذه طريقةٌ عجيبةٌ مطَّردةٌ في القرآن، لا يقع عليها إلا كلُّ غائصٍ على معانيه ووجوه دلالاته (١)، ومن هنا قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه «يحرم من الرَّضاع ما يحرم من النَّسب» (٢)، ولكنَّ الدَّلالة دلالتان (٣): خفيَّةٌ وجليَّةٌ، فجمعهما للأمَّة ليتمَّ البيان ويزول الالتباس، ويقعُ على الدَّلالة الجليَّة الظَّاهرة مَن قَصُر فهمُه عن الخفية.

وحرَّم أمَّهات النِّساء، فدخل في ذلك أمُّ المرأة وإن علَت مِن نسبٍ أو رضاعٍ، دخل بالمرأة أو لم يدخل بها، لصِدْق الاسم على هؤلاء كلِّهنَّ.

وحرَّم الرَّبائب اللَّاتي في حجور الأزواج، وهنَّ بنات نسائهم المدخول بهنَّ، فيتناول بذلك بناتهنَّ، وبنات بناتهنَّ، وبنات أبنائهنَّ (٤)، فإنَّهنَّ داخلاتٌ في اسم الرَّبائب، وقيَّد التَّحريم بقيدين أحدهما: كونهنَّ في حجور الأزواج. والثَّاني: الدُّخول بأمَّهاتهنَّ. فإذا لم يوجد الدُّخول لم يثبت التَّحريم، وسواءٌ حصلت الفرقة بموتٍ أو طلاقٍ، هذا مقتضى النَّصِّ.

وذهب زيد بن ثابتٍ، ومَن وافقه، وأحمد في روايةٍ عنه: إلى أنَّ موت


(١) ز، د: «دلالته».
(٢) أخرجه البخاري في مواضع منها (٢٦٤٥، ٢٦٤٦، ٥٢٣٩)، ومسلم (١٤٤٤، ١٤٤٥، ١٤٤٧) من حديث ابن عباس وعائشة - رضي الله عنها -.
(٣) ب: «على قسمين».
(٤) «وبنات أبنائهن» ليست في ب، د.