للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى: فإنَّ المنقطعَ لا بدَّ فيه من رابطٍ بينه وبين المستثنى منه بحيث يخرج توهُّم (١) دخوله فيه بوجهٍ ما، فإنَّك إذا قلتَ: «ما بالدَّار من أحدٍ» دلَّ على انتقال (٢) مَن بها بدوابِّهم وأمتعتهم، فإذا قلت: «إلا حمارًا أو إلا الأثافيَّ»، ونحو ذلك، أزلتَ توهُّم دخولِ المستثنى في حكم المستثنى منه.

وأَبْيَن من هذا قوله تعالى: {فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ} [مريم: ٦٢] فاستثناء السَّلام أزال توهُّم نفي السَّماع العامِّ، فإنَّ عدمَ سماع اللَّغو يجوز أن يكون لعدم سماع كلامٍ ما، وأن يكونَ مع سماعِ غيره، وليس في تحريم نكاح المزوَّجة ما يوهم تحريم وطء الإماء بملك اليمين حتَّى يخرجه.

وقالت طائفةٌ: بل الاستثناءُ على بابه، ومتى ملك الرَّجل الأَمَة المزوَّجة كان ملكه لها طلاقًا (٣)، وحلَّ له وطؤها، وهي مسألة بيع الأَمَة هل يكون طلاقًا لها أو لا؟ فيه مذهبان للصَّحابة (٤): فابن عبَّاسٍ يراه طلاقًا ويحتجُّ له بالآية، وغيره يأبى ذلك ويقول: كما يجامع المُلك السَّابق للنَّكاح اللَّاحق اتِّفاقًا ولا يتنافيان، كذلك المُلك اللَّاحق لا ينافي النِّكاح السَّابق، قالوا: وقد خيَّر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَريرَة لمَّا بيعت (٥)، ولو انفسخ نكاحُها لم يخيِّرها. قالوا:


(١) ط الفقي والرسالة: «ما توهم» خلاف النسخ.
(٢) في المطبوع: «انتفاء» خلاف النسخ.
(٣) في المطبوع: «طلاقًا لها».
(٤) ينظر «فتح الباري»: (٩/ ٤٠٤)، و «التمهيد»: (٢٢/ ١٨٣ - ١٨٤)، و «شرح ابن بطال»: (٧/ ٢٠٧)، و «الأم»: (٨/ ٤٣٥)، و «بدائع الفوائد»: (٣/ ٩٥١)، و «إغاثة اللهفان»: (١/ ٥١٥).
(٥) سبق تخريجه.