للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا حجَّةٌ على ابن عبَّاسٍ، فإنَّه هو راوي الحديث والأخذ برواية الصَّحابيِّ لا برأيه.

وقالت طائفةٌ ثالثةٌ: إن كان المشتري امرأةً لم ينفسخ النِّكاح، لأنَّها لم تملك الاستمتاع ببُضْع الزَّوجة، وإن كان رجلًا انفسخ لأنَّه ملك الاستمتاع به، ومِلْك اليمين أقوى مِن مِلك النِّكاح، وبهذا الملك يبطل النِّكاح دون العكس، قالوا: وعلى هذا فلا إشكال في حديث بَريرة.

وأجاب الأوَّلون عن هذا: بأنَّ المرأة وإن لم تملك الاستمتاع ببضع أَمَتِها فهي تملك المعاوضة عليه وتزويجها وأَخْذ مهرها، وذلك كملك الرَّجل وإن لم تستمتع بالبضع.

وقالت فرقةٌ أخرى: الآية خاصَّةٌ بالمسبيَّات، فإنَّ المسبيَّة إذا سُبِيَت حلَّ وطؤها لسابيها بعد الاستبراء وإن كانت مزوَّجةً، وهذا قول الشَّافعيِّ وأحد الوجهين لأصحاب أحمد (١)، وهو الصَّحيح كما روى مسلم في «صحيحه» (٢) عن أبي سعيدٍ الخدريِّ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثَ جيشًا إلى أوطاسٍ فلقي عدوًّا فقاتلوهم فظهروا عليهم، وأصابوا سبايا، وكأنَّ ناسًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجوا مِن غِشيانهنَّ من أجل أزواجهنَّ من المشركين، فأنزل الله عزَّ وجلَّ في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّساء: ٢٤]، أي: فهنَّ لكم حلالٌ إذا انقضت عدَّتهنَّ.


(١) ينظر ما سبق (٣/ ١٣٤)، و «المغني»: (١١/ ١٣١ - ١٣٢)، و «نهاية المطلب»: (١٥/ ٣٢٠ - ٣٢٥).
(٢) (١٤٥٦).