للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: تحريم المسلمات على المشركين إنَّما نزل بعد صلح الحديبية لا قبل ذلك، فلم ينفسخ النِّكاح في تلك المدَّة لعدم شرعيَّة هذا الحكم فيها، ولمَّا نزل تحريمهنَّ على المشركين أسلم أبو العاص فرُدَّت عليه.

وأمَّا مراعاة زمن العدَّة فلا دليل عليه من نصٍّ ولا إجماعٍ، وقد ذكر حمَّاد بن سلمة عن قتادة عن سعيد بن المسيَّب: أنَّ عليَّ بن أبي طالبٍ قال في الزَّوجين الكافرَين يُسلم أحدُهما: «هو أملك ببضعها ما دامت في دار هجرتها» (١).

وذكر سفيان بن عُيينة عن مطرِّف بن طريفٍ عن الشَّعبيِّ عن علي: «هو أحقُّ بها ما لم تَخرجْ من مِصْرها» (٢).

وذكر ابن أبي شيبة (٣) عن معتمر بن سليمان عن معمر (٤) عن الزُّهريِّ: إن أسلمَتْ ولم يسلم زوجُها فهما على نكاحهما إلا أن يفرِّق بينهما سلطانٌ.

ولا يُعرف اعتبار العدَّة في شيءٍ من الأحاديث، ولا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يسأل المرأةَ هل انقضت عدَّتُكِ أم لا، ولا ريب أنَّ الإسلام لو كان بمجرَّده فُرْقةٌ لم تكن فُرقةً رجعيَّةً بل بائنةً، فلا أثر للعدَّة في بقاء النِّكاح، وإنَّما أثرها في منع


(١) أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٥٢٧١) بسند حسن.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٠٠٨٤، ١٢٦٦١) ولفظه: «هو أحقُّ بها ما لم يُخرِجْها من مِصرها»، وهو موقوف صحيح.
(٣) في «المصنف» (١٨٣٢٣)، وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (١٢٦٥٩) عن معمر عن الزهري، وهو مقطوع صحيح.
(٤) تحرفت «معتمر» في ح إلى «معمر»، وسقطت «عن معمر» من ز.