للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نكاحها للغير، فلو كان الإسلام قد نجَّز الفُرقَة بينهما لم يكن أحقَّ بها في العدَّة، ولكنَّ الذي دلَّ عليه حكمه - صلى الله عليه وسلم - أنَّ النِّكاح موقوفٌ، فإن أسلما (١) قبل انقضاء عدَّتها فهي زوجتُه، وإن انقضت عدَّتها فلها أن تنكح مَن شاءت، وإن أحبَّت انتظرَتْه، فإن أسلم كانت زوجتَه من غير حاجةٍ إلى تجديد نكاح.

ولا نعلم أحدًا جدَّد للإسلام نكاحه البتَّة، بل كان الواقع أحد أمرين: إمَّا افتراقهما ونكاحها غيره، وإمَّا بقاؤها عليه وإن تأخَّر إسلامها أو إسلامه. وأمَّا تنجيز الفُرقة أو مراعاة العدَّة، فلا نعلم أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بواحدٍ منهما مع كثرة مَن أسلم في عهده مِن الرِّجال وأزواجهم وقُرب إسلام أحد الزَّوجين من الآخر وبُعده منه، ولولا إقراره - صلى الله عليه وسلم - الزَّوجين على نكاحهما وإن تأخَّر إسلام أحدهما عن الآخر بعد صلح الحديبية وزمن الفتح لقلنا بتعجيل الفُرقة بالإسلام من غير اعتبار عدَّةٍ، لقوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠]، وقوله: {وَلَا تُمَسِّكُواْ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]، وأنَّ الإسلام سبب الفرقة، ككلّ (٢) ما كان سببًا للفُرقة تَعْقبُه (٣) الفُرْقة كالرَّضاع والخُلْع والطَّلاق، وهذا اختيار الخلال وأبي بكر صاحبه (٤) وابن المنذر (٥) وابن حزمٍ (٦)، وهو مذهب


(١) كذا في جميع النسخ، وفي ط الفقي والرسالة: «أسلم».
(٢) ز: «فكل»، ح، د، ب، ط الهندية: «لكل». والظاهر أنها «ككل» لكن لم ترسم نبرة القاف كعادة بعض النساخ، فرسمت في الطبعات «لكل».
(٣) ح، د، ن، ط الهندية: «تعقبته»، م: «تعقيبة»، ز: «معقبته»، ولعله ما أثبت.
(٤) ينظر «المغني»: (١٠/ ٨).
(٥) في «الأوسط»: (١١/ ٣١٩ - ٣٢٠)، وذكره في «المغني» الموضع السابق.
(٦) في «المحلى»: (٧/ ٣١٢).