للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وهذا ناسخٌ لأخبار الإباحة فإنَّه ناقلٌ عن الأصل، وأحاديث الإباحة على وَفْق البراءة الأصليَّة، وأحكام الشَّرع ناقلةٌ عن البراءة (١). قالوا: وقول جابر: «كنَّا نعزل والقرآن ينزل، فلو كان شيء يُنهى عنه لنهى عنه القرآن».

فيقال: قد نهى عنه مَن أُنزِل عليه القرآنُ بقوله: «إنَّه الموءودة الصُّغرى» والوأد كلُّه حرامٌ. قالوا: وقد فهم الحسن البصريُّ النَّهي من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ لمَّا ذُكِر العزلُ عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عليكم أن لا تفعلوا ذاكم، فإنَّما هو القَدَر». قال ابن عون: فحدَّثتُ به الحسنَ فقال: فوالله لكأنَّ هذا زجرٌ (٢).

قالوا: ولأنَّ فيه قطع النَّسل المطلوب من النِّكاح وسوء العشرة وقطع اللَّذَّة عند استدعاء الطَّبيعة لها.

قالوا: ولهذا كان ابن عمر لا يعزل، وقال: لو علمتُ أنَّ أحدًا من ولدي يعزل لنكَّلتُه (٣).

وكان عليٌّ يكره العزلَ، ذَكَره شعبة عن عاصم عن زِرٍّ عنه (٤). وصحَّ عن


(١) في المطبوع: «البراءة الأصلية» خلاف النسخ.
(٢) أخرجه مسلم في حديث (١٤٣٨). وفي ن، وط الهندية و «الصحيح»: «والله لكأنّ».
(٣) أخرجه ابن حزم في «المحلى»: (٩/ ٢٢٤) معلّقًا عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع، ووصله ابن المنذر في «الأوسط»: (٩/ ١١٨) من طريق علي عن حجاج عن حماد به، وإسناده صحيح.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٦٦٠٢)، والبيهقي في «المعرفة»: (١٠/ ٢٠٤)، وسنده حسن؛ شعبة وشيخه صدوقان، في حفظهما شيء، وهما من رجال الصحيح.