للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثبتها (١)، ولكنَّ أصحاب «الصَّحيحين» وغيرهم أخرجوها ولم يطعنوا فيها، ولم يعلِّلها أحدٌ سوى الشَّافعيِّ فيما نعلم.

ثمَّ اختلفوا في معناها، فقالت طائفةٌ: «اللَّام» ليست على بابها، بل هي بمعنى «على» كقوله: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] أي فعليها، كما قال: {(٤٥) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: ٤٦].

وردَّت طائفةٌ هذا الاعتذارَ بخلافه لسياق القصَّة ولموضوع الحرف، وليس نظير الآية، فإنَّها قد فرَّقت بين ما للنَّفس وبين ما عليها، بخلاف قوله: «اشترطي لهم».

وقالت طائفةٌ: بل اللَّام على بابها، ولكن في الكلام محذوفٌ تقديره: اشترطي لهم أو لا تشترطي، فإنَّ الاشتراط لا يفيد شيئًا لمخالفته لكتاب اللَّه.

ورَدَّ غيرُهم هذا الاعتذار لاستلزامه إضمار ما لا دليل عليه، والعلمُ به من نوع علم الغيب.

وقالت طائفةٌ أخرى: بل هذا أمر تهديدٍ لا إباحةٍ كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠]. وهذا في البطلان من جنس ما قبله، وأظهر فسادًا، فما لعائشة وما للتَّهديد هنا؟ وأين في السِّياق ما يقتضي التَّهديد لها؟ نعم هم أحقُّ بالتَّهديد لا أمُّ (٢) المؤمنين.


(١) ينظر: «اختلاف الحديث» (ص ١٥٣)، و «الأم»: (٥/ ٢٦٩)، و «معرفة السنن والآثار»: (٧/ ٥٥٥ - ٥٥٦).
(٢) ح، ب، ن: «لأم»، خطأ.