للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت طائفةٌ: بل هو أمر إباحةٍ وإذنٍ، وأنَّه يجوز اشتراط مثل هذا، ويكون ولاء المكاتَب للبائع، قاله بعض الشَّافعيَّة، وهذا أفسد من جميع ما تقدَّم، وصريحُ الحديث يقتضي بطلانه (١) وردَّه.

وقالت طائفةٌ: إنَّما أذن لها في الاشتراط ليكون وسيلةً إلى ظهور بطلان هذا الشَّرط، وعِلْم الخاصِّ والعامِّ به، وتقرُّر حكمه - صلى الله عليه وسلم -، وكان القوم قد علموا حكمه في ذلك، فلم يقنعوا دون أن يكون الولاء لهم، فعاقبهم بأن أذن لعائشة في الاشتراط، ثمَّ خطبَ النَّاسَ فأذَّن فيهم ببطلان هذا الشَّرط، وتضمَّن حكمًا مهمًّا (٢) من أحكام الشَّريعة، وهو أنَّ الشَّرط الباطل إذا شُرِط في العقد لم يجز الوفاء به، ولولا الإذن في الاشتراط لما عُلِم ذلك، فإنَّ الحديث تضمَّن فساد هذا الحكم، وهو كون الولاء لغير المعتِق.

وأمَّا بطلانه إذا شُرِط، فإنَّما اسْتُفيد من تصريح النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ببطلانه بعد اشتراطه، ولعلَّ القوم اعتقدوا أنَّ اشتراطه يفيدُ الوفاءَ به، وإن كان خلاف مقتضى العقد المطلق، فأبطله النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وإن شُرِط كما أبطله بدون الشَّرط.

فإن قيل: فإذا فات مقصودُ المشترط (٣) ببطلان الشَّرط، فإنَّه إمَّا أن يُسَلَّط على الفسخ، أو يُعطَى مِن الأرش بقدر ما فات من غرضه، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يقض بواحدٍ من الأمرين.

قيل: هذا إنَّما يثبت إذا كان المشترط جاهلًا بفساد الشَّرط. فأمَّا إذا علم


(١) ب، م: «يقضي»، و ز، د، ب، م: «ببطلانه».
(٢) سقطت من ط الفقي والرسالة.
(٣) ز، ح: «المشروط».