للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَن قال: لا يكون أقلَّ من ثلاثة دراهم كمالك، وعشرة دراهم (١) كأبي حنيفة (٢)، وفيه أقوالٌ أخر شاذَّةٌ لا دليل عليها من كتابٍ ولا سنَّةٍ ولا إجماعٍ ولا قياسٍ ولا قول صاحبٍ.

ومن ادَّعى في هذه الأحاديث التي ذكرناها اختصاصَها بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو أنَّها منسوخةٌ، أو أنَّ عَمَلَ أهلِ المدينة على خلافها، فدعوى لا يقوم عليها دليلٌ، والأصل يردُّها. وقد زوَّج سيِّدُ أهل المدينة من التَّابعين سعيد بن المسيَّب ابنته على درهمين (٣)، ولم ينكر عليه أحدٌ، بل عُدَّ ذلك في مناقبه وفضائله. وقد تزوَّج عبد الرَّحمن بن عوفٍ على صَداق خمسة دراهم، وأقرَّه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٤). ولا سبيل إلى إثبات المقادير إلا من جهة صاحب الشَّرع. والله أعلم.


(١) ح، م: «أو عشرة».
(٢) ينظر «المبسوط»: (٥/ ١٤٦ - ١٤٧)، و «البناية»: (٥/ ١٣١ - ١٣٢)، و «النوادر والزيادات»: (٤/ ٤٤٩ - ٤٥٠)، و «تهذيب المدونة»: (٢/ ١٨٩).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور (٦٢٠) وأبو بكر بن زياد في «الزيادات على كتاب المزني» (ص ٥٢٨ - ٥٣٠)، وأبو نعيم في «الحلية»: (٢/ ١٦٧)، من طرقٍ مقبولة عن ابن المسيب، وكذا أخرجه ابن عدي في «الكامل»: (٤/ ١٨٧)، وابن أبي يعلى في «الطبقات»: (١/ ١٤١).
(٤) أخرجه البخاري في مواضع منها (٢٠٤٨)، ومسلم (١٤٢٧) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، والذي فيهما: أنه أصدقها وزن نواة من ذهب، وجاء تفسير ذلك عند ابن الجارود في «المنتقى» (٧١٥): «قال ابن أبي نجيح: النواة خمسة دراهم».