للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثَّاني: أنَّهما حاكمان (١)، وهذا قول أهل المدينة ومالك، وأحمد في الرِّواية الأخرى، والشَّافعيِّ في القول الآخر (٢)، وهذا هو الصَّحيح.

والعجب كلُّ العجب ممَّن يقول: هما وكيلان لا حاكمان (٣)، والله تعالى قد نصَبَهما حكَمَين، وجعل نصبهما إلى غير (٤) الزَّوجين، ولو كانا وكيلين لقال: فليبعث وكيلًا من أهله ولتبعث وكيلًا من أهلها.

وأيضًا: فلو كانا وكيلين لم يختصَّا بأن يكونا من الأهل.

وأيضًا: فإنَّه جعل الحُكْم إليهما فقال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥]، والوكيلان لا إرادة لهما إنَّما يتصرَّفان بإرادة موكِّليهما.

وأيضًا: فإنَّ الوكيل لا يسمَّى حَكَمًا في لغة القرآن، ولا في لسان الشَّارع، ولا في العرف العامِّ ولا الخاصِّ.

وأيضًا: فالحكم مَن له ولاية الحُكْم والإلزام، وليس للوكيل شيءٌ من ذلك.

وأيضًا: فإنَّ الحَكَم أبلغ من حاكمٍ؛ لأنَّه صفةٌ مشبَّهةٌ باسم الفاعل، دالَّةٌ على الثُّبوت، ولا خلاف بين أهل العربيَّة في ذلك، فإذا كان اسم الحاكم لا يصدُق على الوكيل المحض فكيف بما هو أبلغ منه؟!


(١) من ن، ب. وفي باقي النسخ و ط الهندية: «حكمان».
(٢) ينظر ما سبق من مراجع، و «تهذيب المدونة»: (٢/ ٤٠٥)، و «الكافي»: (٢/ ٥٩٦) لابن عبد البر.
(٣) من ب، م. وفي باقي النسخ وط الهندية: «حكمان».
(٤) من ب وط الهندية، وفي بقية النسخ: «تخير» وبه لا يصح المعنى.