للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا: فإنَّه سبحانه خاطَب بذلك غير الزَّوجين، وكيف يصحُّ أن يوكِّل عن الرَّجل والمرأة غيرهما؟ وهذا يحوِجُ (١) إلى تقدير الآية هكذا: «وإن خفتم شقاق بينهما فمروهما أن يوكِّلا وكيلين: وكيلًا من أهله ووكيلًا من أهلها»، ومعلومٌ بُعْد لفظ الآية ومعناها عن هذا التَّقدير، وأنَّها لا تدلُّ عليه بوجهٍ (٢)، بل هي دالَّةٌ على خلافه، وهذا بحمد الله واضحٌ (٣).

وبعث عثمانُ بن عفَّان ابنَ عبَّاسٍ ومعاوية حَكَمَين بين عليّ (٤) بن أبي طالبٍ وامرأته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، فقيل لهما: إن رأيتما أن تفرِّقا فرَّقتما (٥).

وصحَّ عن عليِّ بن أبي طالبٍ أنَّه قال للحكَمَين بين الزَّوجين: عليكما إن رأيتما أن تفرِّقا فرَّقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما (٦).

فهذا عثمان وعليّ وابن عبَّاسٍ ومعاوية جعلوا (٧) الحُكْم إلى الحَكَمَين،


(١) ز، د، ح، ن: «يخرج». والمثبت من م، ب، وهو أصح.
(٢) ب: «بوجه من الوجوه».
(٣) ب: «ظاهر».
(٤) كذا في جميع النسخ وط الهندية؛ وهو سبق قلم؛ صوابه: «عقيل» كما في مصادر الأثر.
(٥) أخرجه عبد الرزاق (١١٨٨٥)، والطبري في «تفسيره»: (٨/ ٣٢٧ - ٣٢٨) بسند صحيح من طريق عكرمة بن خالد عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ورجاله رجال الشيخين.
(٦) أخرجه الشافعي في «الأم»: (٦/ ٤٩٦)، وعبد الرزاق (١١٨٨٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤٦٦١)، والبيهقي في «الكبرى»: (٧/ ٣٠٦) من طريق ابن سيرين، عن عَبيدة السَّلْماني قال: شهدتُّ علي بن أبي طالب ... فذكره، وسنده صحيح.
(٧) م، ن: «جعلا». وح وهامش ز: «حوّلا».