للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يُعرَف لهم في الصَّحابة مخالفٌ، وإنَّما يُعرَف الخلاف بين التَّابعين فمن بعدهم، والله أعلم.

وإذا قلنا: إنَّهما وكيلان، فهل يُجبَر الزَّوجان على توكيل الزَّوج في الفُرْقة بعِوَضٍ وغيره، وتوكيل الزَّوجة في بذل العِوَض أو لا يجبران؟ على روايتين (١)، فإن قلنا: يجبران، فلم يوكِّلا، جَعَل الحاكمُ ذلك إلى الحكمين بغير رضى الزَّوجين، وإن قلنا: إنَّهما حكمان لم يحتج إلى رضى الزَّوجين.

وعلى هذا النِّزاع ينبني ما لو غاب الزَّوجان أو أحدهما، فإن قيل: إنَّهما وكيلان، لم ينقطع نظر الحكمين، وإن قيل: حكمان انقطع نظرهما لعدم الحكم على الغائب، وقيل: يبقى نظرهما على القولين؛ لأنَّهما يتصرفان لحظِّهما (٢) فهما كالنَّاظرين.

وإن جُنَّ الزَّوجان انقطع نظرُ الحكمين إن قيل: إنَّهما وكيلان؛ لأنَّهما فرع الموكِّلين (٣)، ولم ينقطع إن قيل: إنَّهما حكمان، لأنَّ الحاكم يلي على المجنون. وقيل: ينقطع أيضًا لأنَّهما منصوبان عنهما فكأنَّهما وكيلان، ولا ريب أنَّهما حكمان فيهما شائبة الوكالة، ووكيلان منصوبان للحكم، فمِن العلماء مَن رجَّح جانب الحكم، ومنهم من رجَّح جانب الوكالة، ومنهم من اعتبر الأمرين (٤). والله أعلم.


(١) ينظر «الفروع»: (٨/ ٤١٥).
(٢) ح، م: «ينصرفان»، وط الفقي والرسالة: «يتطرّفان» بالطاء، وليس في أي من النسخ. ون: «لحفظهما».
(٣) ز، د، م، ب: «الوكيلين»، والمثبت من ن وط الهندية.
(٤) ينظر «الهداية» (ص ٤١٣ - ٤١٤)، و «شرح الزركشي»: (٥/ ٣٥٤).