للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «سنن الدَّارقطنيِّ» (١) في هذه القصَّة: فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أتردِّين عليه حديقته التي أعطاك؟». قالت: نعم وزيادةً. فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أمَّا الزِّيادة فلا ولكن حديقته». قالت: نعم. فأخذ ماله وخلَّى سبيلها، فلمَّا بلغ ذلك ثابت بن قيسٍ قال: قد قبلت قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الدَّارقطنيُّ: إسناده صحيحٌ.

فتضمَّن هذا القضاء (٢) النَّبويُّ عدَّة أحكام:

أحدها: جواز الخُلع كما دلَّ عليه القرآن، قال تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩].

ومنَعَ الخُلعَ طائفةٌ شاذَّةٌ من النَّاس خالفت النَّصَّ والإجماع (٣). وفي


(١) (٣٦٢٩)، ومن طريقه البيهقي: (٧/ ٣١٤) عن ابن جريج عن أبي الزبير مرسلًا، قال الدارقطني في آخره: «سمعه أبو الزبير من غير واحد»، لكن قال البيهقي: «وهذا أيضًا مرسل»، قال الحافظ في «الفتح»: (٩/ ٤٠٢): «ورجال إسناده ثقات, وقد وقع في بعض طرقه: سمعه أبو الزبير من غير واحد، فإن كان فيهم صحابي؛ فهو صحيح, وإلا فيعتضد بما سبق» يعني بذلك حديثَ ابن عباس، ومرسلَ عطاء. أما حديث ابن عباس فرواه ابن ماجه (٢٠٥٦)، وقد تفرد عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة بوصله، وبزيادة النهي عن الزيادة. وأما مرسلُ عطاء فرواه البيهقي في «الكبرى»: (٧/ ٣١٤).
(٢) في المطبوع: «الحكم» خلاف النسخ.
(٣) ذكر ابن جرير: (٢/ ٢٨٨)، وابن عبد البر في «التمهيد»: (٢٣/ ٣٧٥ - ٣٧٦) وغيرهما: أن بكر بن عبد الله المزني منع الخلع وأنه منسوخ بقوله: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠]. وانظر «المحلى»: (١٠/ ٢٣٥)، و «المغني»: (١٠/ ٢٦٨).