للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الزُّهريِّ (١).

وحجَّة هذا القول قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات» (٢)، وأنَّ من كَفَر في نفسه، فهو كفر، وقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٤]، وأنَّ المصرَّ على المعصية فاسقٌ مؤاخذٌ وإن لم يفعلها، وبأنَّ أعمال القلوب في الثَّواب والعقاب كأعمال الجوارح، ولهذا يُثاب على الحبِّ والبغض والموالاة والمعاداة في اللَّه، وعلى التَّوكُّل والرِّضى والعزم على الطَّاعة، ويعاقَب على الكبر والحسد والعُجْب والشَّكِّ والرِّياء وظنِّ السَّوء بالأبرياء.

ولا حجَّة في شيءٍ من هذا على وقوع الطَّلاق والعتاق بمجرَّد النِّيَّة من غير تلفُّظٍ.

أمَّا حديث «الأعمال بالنِّيَّات» فهو حجَّةٌ عليهم؛ لأنَّه أخبر فيه أنَّ العمل مع النِّيَّة هو المعتبر، لا النِّيَّة وحدها.

وأمَّا من اعتقد الكفرَ بقلبه أو شكَّ، فهذا (٣) كافرٌ لزوال الإيمان الذي هو عَقْد القلب مع الإقرار، فإذا زال العقد الجازم كان نفس زواله كفرًا، فإنَّ الإيمان أمرٌ وجوديٌّ ثابتٌ قائمٌ بالقلب، فما لم يقم بالقلب حصل ضدُّه وهو الكفر، وهذا كالعلم والجهل إذا فُقِد العلم حصل الجهل، وكذلك كلُّ


(١) ذكره الخطابي في «المعالم»: (٣/ ٢٤٨)، والبغوي في «شرح السنة»: (٩/ ٢١٣)، والحافظ في «الفتح»: (٩/ ٣٩٤) من غير إسناد.
(٢) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧)، من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .
(٣) المطبوع: «فهو».