للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حجَّة هذا القول: أنَّ القائل: «إن تزوَّجت فلانة فهي طالقٌ» مطلِّقٌ لأجنبيَّةٍ، وذلك محالٌ، فإنَّها حين الطَّلاق المعلَّق أجنبيَّةٌ، والمتجدِّد هو نكاحها، والنِّكاح لا يكون طلاقًا، فعُلِم أنَّها لو طَلَقت، فإنَّما يكون ذلك إسنادًا (١) إلى الطَّلاق المتقدِّم معلَّقًا، وهي إذ ذاك أجنبيَّةٌ، وتجدُّدُ الصِّفةِ لا يجعله متكلِّمًا بالطَّلاق عند وجودها، فإنَّه عند وجودها مختارٌ للنِّكاح غير مريدٍ للطَّلاق، فلا يصحُّ، كما لو قال لأجنبيَّةٍ: «إن دخلتِ الدَّار فأنتِ طالقٌ»، فدخلت وهي زوجته، لم تَطلُق بغير خلافٍ.

فإن قيل: فما الفرق بين تعليق الطَّلاق وتعليق العتق؟ فإنَّه لو قال: إن ملكتُ فلانًا فهو حرٌّ، صحَّ التَّعليق، وعَتَق بالملك.

قيل: في تعليق العتق قولان، وهما روايتان عن أحمد (٢)، كما عنه روايتان في تعليق الطَّلاق، وهي الصَّحيح من مذهبه الذي عليه أكثر نصوصه، وعليه أصحابه ــ صحَّة تعليق العتق دون الطَّلاق.

والفرق بينهما: أنَّ العتق له قوَّةٌ وسِرايةٌ، ولا يعتمد نفوذه (٣) الملك، فإنَّه ينفذ في ملك الغير، ويصحُّ أن يكون الملك سببًا لزواله بالعتق عقلًا (٤) وشرعًا، كما يزول ملكه بالعتق عن ذي رحمه المحرَّم بشرائه، وكما لو اشترى عبدًا ليعتقه في كفَّارةٍ أو نذرٍ، أو اشتراه بشرط العتق، وكلُّ هذا يُشرع


(١) د، ن والمطبوع: «استنادًا».
(٢) ينظر «المغني»: (١٠/ ٣٢٠، ١٣/ ٥٣٥)، و «شرح الزركشي»: (٧/ ١١٦)، و «الإنصاف»: (٧/ ٤١٨ - ٤١٩).
(٣) كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع: «نفوذ».
(٤) ص، م، ب: «عقدًا».