للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «سنن النَّسائيِّ» وغيره (١) من حديث محمود بن لَبيدٍ، قال: أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجلٍ طلَّق امرأته ثلاث تطليقاتٍ جميعًا، فقام غضبان، فقال: «أيُلْعَب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!» حتَّى قام رجلٌ فقال: يا رسول اللَّه! أفلا أقتله.

وفي «الصَّحيحين» (٢) عن ابن عمر: أنَّه كان إذا سئل عن الطَّلاق قال: أمَّا أنتَ طلَّقتَ امرأتَك مرَّةً أو مرَّتين فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا، وإن كنتَ طلَّقتها ثلاثًا، فقد حَرُمَتْ عليك حتَّى تنكح زوجًا غيرك، وعصيتَ الله فيما أمرك من طلاق امرأتك.

فتضمَّنت هذه النُّصوص أنَّ المطلَّقة نوعان: مدخولٌ بها وغير مدخولٍ بها، وكلاهما لا يجوز تطليقها ثلاثًا مجموعةً، وجواز تطليق غير المدخول بها طاهرًا أو حائضًا.

وأمَّا المدخول بها، فإن كانت حائضًا أو نفساء، حَرُم طلاقها، وإن كانت طاهرًا، فإن كانت مستبينة الحمل، جاز طلاقها بعد الوطء وقبله، وإن كانت


(١) أخرجه النسائي (٣٤٠١)، وفي «الكبرى» (٥٥٦٤)، وعنه ابن حزم في «المحلى»: (١٠/ ١٦٧) من طريق مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن محمود بن لبيد، وقد صححه المصنف هنا، وجوَّد ابنُ كثير إسنادَه، وقال الحافظ في «الفتح»: (٩/ ٣٦٢): «رجاله ثقات»، ثم أَعلَّه بعدم سماع مخرمة من أبيه، مع تفرَّده به، وبأنَّ محمودًا وإن كانت له رؤية؛ فهو تابعي رواية، فيكون مرسلًا ضعيفًا، وضعّفه ابن حزم في «المحلى»: (١٠/ ١٦٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٦٤، ٥٣٣٢) معلقًا وموصولًا دون جملة العصيان، ومسلم (١٤٧١) واللفظ له. وغيِّر في المطبوع: «أما إن أنت» خلاف الأصول ولفظ الحديث.