للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حائلًا لم يجز طلاقها بعد الوطء في طُهْر الإصابة، ويجوز قبله.

هذا الذي شرعه الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الطَّلاق، وأجمع المسلمون على وقوع الطَّلاق الذي أذن الله فيه وأباحه إذا كان من مكلَّفٍ مختارٍ، عالمٍ بمدلول اللَّفظ، قاصدٍ (١) له.

واختلفوا في وقوع المحرَّم من ذلك، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: الطَّلاق في الحيض، أو في الطُّهر الذي واقعها فيه.

المسألة الثَّانية: في جمع الثَّلاث.

ونحن نذكر المسألتين تحريرًا وتقريرًا، كما ذكرناهما تصويرًا، ونذكر حجج الفريقين، ومنتهى أقدام الطَّائفتين، مع العلم بأنَّ المقلِّد المتعصِّب لا يترك قولَ مَن قلَّده ولو جاءته كلُّ آيةٍ، وأنَّ طالب الدَّليل لا يأتمُّ بسواه، ولا يحكِّم إلا إيَّاه، ولكلٍّ من النَّاس موردٌ لا يتعدَّاه، وسبيلٌ لا يتخطَّاه، ولقد عُذِر مَن حَمَل ما انتهت إليه قواه، وسعى إلى حيث انتهت خطاه.

فأمَّا المسألة الأولى (٢)، فإنَّ الخلاف في وقوع الطَّلاق المحرَّم لم يزل ثابتًا بين السَّلف والخلف، وقد وهم من ادَّعى الإجماعَ على وقوعه، وقال بمبلغ علمه، وخفي عليه من الخلاف ما اطَّلع عليه غيره، وقد قال الإمام أحمد: مَن ادَّعى الإجماعَ فهو كاذبٌ، وما يدريه لعلَّ النَّاس اختلفوا (٣).


(١) ص، ب، د: «قاصدًا».
(٢) استغرق البحث فيها إلى (ص ٣٥٢).
(٣) نقله عبد الله بن أحمد في «مسائله»: (٣/ ١٣١٤ - ١٣١٥). وينظر «المدخل»: (٣/ ٢٤٦، ٥/ ٥٠).