للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين الطَّلاق؟ وكيف أبطلتم ما نهى الله عنه من النِّكاح، وصحَّحتم ما حرَّمه ونهى عنه من الطَّلاق، والنَّهي يقتضي البطلان في الموضعين؟

قالوا: ويكفينا من هذا حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العامُّ الذي لا تخصيص فيه بردِّ ما خالف أمرَه وإبطالِه وإلغائه، كما في «الصَّحيح» (١) عنه، من حديث عائشة: «كلُّ عملٍ ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ»، وفي لفظٍ (٢): «مَن عَمِل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ». وهذا صريحٌ في أنَّ هذا الطَّلاق المحرَّم الذي ليس عليه أمره - صلى الله عليه وسلم - مردودٌ وباطلٌ، فكيف يقال: إنَّه صحيحٌ لازمٌ نافذٌ؟ فأين هذا مِن الحكم بردِّه؟

قالوا: وأيضًا فإنَّه طلاقٌ لم يشرعه الله أبدًا، فكان مردودًا باطلًا كطلاق الأجنبيَّة، ولا ينفعكم الفرق بأنَّ الأجنبيَّة ليست محلًّا للطَّلاق بخلاف الزَّوجة، فإنَّ هذه الزَّوجة ليست محلًّا للطَّلاق المحرَّم، ولا هو ممَّا ملَّكه الشَّارعُ إيَّاه.

قالوا: وأيضًا فإنَّ الله سبحانه إنَّما أمر بالتَّسريح بإحسانٍ، ولا أسوأ (٣) من التَّسريح الذي حرَّمه الله ورسوله، وموجَب عقد النِّكاح أحد أمرين: إمَّا إمساكٌ بمعروفٍ، وإما (٤) تسريحٌ بإحسانٍ، والتَّسريح المحرَّم أمرٌ ثالثٌ غيرهما، فلا عبرة به البتَّة.


(١) أخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨).
(٢) المطبوع: «رواية».
(٣) غير محررة في ص، ب، د ويظهر لي أنها: «أشر شرًّا» أو «أسوأ سوءًا».
(٤) د، ح، ب، ط الهندية: «و».