للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن مسعودٍ أيضًا: من أتى الأمرَ على وجهه فقد بُيِّن له، وإلَّا فواللَّه ما لنا طاقةٌ بكلِّ ما تُحْدِثون (١).

وقال بعض الصَّحابة وقد سئل عن الطَّلاق الثَّلاث مجموعةً: مَن طلَّق كما أمر فقد بُيِّن له، ومَن لبَّس تركناه وتلبيسَه (٢).

قالوا: ويكفي من ذلك كلِّه ما رواه أبو داود (٣) بالسَّند الصَّحيح الثَّابت: حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبد الرزاق، حدَّثنا ابنُ جُريجٍ، قال: أخبرني أبو الزبير: أنَّه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابنَ عمر ــ قال أبو الزبير: وأنا أسمع ــ: كيف ترى في رجلٍ طلَّق امرأته حائضًا؟ فقال ابنُ عمر: طلَّقَ ابن عمر امرأتَه حائضًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألَ عمرُ عن ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّ عبد الله بن عمر طلَّق امرأته وهي حائضٌ، قال عبد الله: فردَّها عليَّ ولم يَرَها شيئًا، وقال: «إذا طَهُرت، فليطلِّق أو ليمسك»، وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيُّها النَّبيُّ إذا طلَّقتم النِّساء فطلِّقوهنَّ في قُبُل عدَّتهنَّ».

قالوا: وهذا إسنادٌ في غاية الصِّحَّة، فإنَّ أبا الزبير غير مدفوعٍ عن الحفظ والثِّقة، وإنَّما يُخشَى من تدليسه، فإذا قال: سمعتُ أو حدَّثني، زال محذور التَّدليس، وزالت العلَّة المتوهَّمة، وأكثرُ أهل الحديث يحتجُّون به إذا قال: «عن» ولم يصرِّح بالسَّماع، ومسلمٌ يصحِّح ذلك مِن حديثه، فأمَّا إذا صرَّح بالسَّماع، فقد زال الإشكال، وصحَّ الحديثُ، وقامت به الحجَّة.


(١) أخرجه الدارمي (١٠٣) بنحوه، وفيه المسعودي، متكلم فيه من قبل حفظه. وهو في معنى أثره المذكور قبله.
(٢) هو في معنى أثر ابن مسعود، وقد سبق تخريجه قريبًا.
(٣) سبق تخريجه.