للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا حديث أنس: «مَن طلَّق في بدعةٍ ألزمناه بدعتَه» فحديثٌ باطلٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن نشهد بالله أنَّه حديثٌ باطلٌ عليه، ولم يروه أحدٌ من الثِّقات من أصحاب حمَّاد بن زيدٍ، إنَّما هو من حديث إسماعيل بن أمية الذَّرَّاع الكذَّاب (١) الذي يَذْرَع ويفصِّل، ثمَّ الرَّاوي له عنه عبد الباقي بن قانعٍ، وقد ضعَّفه البرقانيُّ وغيره، وكان قد اختلط في آخر عمره، وقال الدَّارقطنيُّ: يخطئ كثيرًا (٢). ومثل هذا إذا تفرَّد بحديثٍ لم يكن حديثُه حجَّةً.

وأمَّا إفتاء عثمان بن عفَّان، وزيد بن ثابتٍ بالوقوع، فلو صحَّ ذلك ــ ولا يصحُّ أبدًا ــ فإنَّ أثر عثمان فيه كذَّابٌ عن مجهولٍ لا يعرف عينُه ولا حالُه، فإنَّه من رواية ابن سمعان، عن رجلٍ. وأثر زيد فيه مجهولٌ عن مجهولٍ: قيس بن سعدٍ، عن رجلٍ سمَّاه، عن زيد. فيا للَّه العجب، أين هاتين الرِّوايتين (٣) من رواية عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثَّقفيِّ، عن عبيد الله حافظ الأمَّة، عن نافع، عن ابن عمر أنَّه قال: «لا يعتدُّ بها» (٤). فلو كان هذا الأثر من قِبَلكم لَصُلْتم به وجُلْتم.


(١) قال ابن حزم في «المحلى»: (١٠/ ١٦٤ - ١٦٥): «حديث أنس موضوع، وإسماعيل ضعيف متروك»، وقال الدارقطني: «متروك الحديث كان يضع الحديث» وقال الخطيب: «له أحاديث منكرة». ينظر «المتفق والمفترق»: (١/ ٣٣٦ - ٣٣٧)، و «الضعفاء»: (١/ ١٠٩) لابن الجوزي، و «لسان الميزان»: (٢/ ١٠٦ - ١٠٧).
(٢) ينظر «لسان الميزان»: (٥/ ٥٠ - ٥٢).
(٣) كذا في جميع الأصول وط الهندية، والوجه: «هاتان الروايتان». وأصلحت في الطبعات اللاحقة.
(٤) سبق تخريجها.