وأمَّا قولكم: إنَّ تحريمه لا يمنع ترتُّبَ أثرِه عليه، كالظِّهار، فيقال أوَّلًا: هذا قياسٌ يدفعه ما ذكرناه من النَّصِّ، وسائرُ تلك الأدلَّة التي هي أرجح منه. ثمَّ يقال ثانيًا: هذا معارَضٌ بمثله سواءٌ معارضةَ القلب بأن يقال: تحريمه يمنع ترتُّبَ أثره عليه كالنِّكاح. ويقال ثالثًا: ليس للظِّهار جهتان: جهة حلٍّ، وجهة حرمةٍ، بل كلُّه حرامٌ، فإنَّه منكرٌ من القول وزورٌ، فلا يمكن أن ينقسم إلى حلالٍ جائزٍ، وحرامٍ باطلٍ، بل هو بمنزلة القذف من الأجنبيِّ والرِّدَّة، فإذا وُجِد لم يوجد إلا مع مفسدته، فلا يتصوَّر أن يقال: منه حلالٌ صحيحٌ، وحرامٌ باطلٌ، بخلاف النِّكاح والطَّلاق والبيع، فالظِّهار نظير الأفعال المحرَّمة التي إذا وقعت قارَنَتْها (١) مفاسدها، فترتَّبَتْ عليها أحكامُها، فإلحاق الطَّلاق بالنِّكاح، والبيع والإجارة، والعقود المنقسمة إلى حلالٍ وحرامٍ وصحيحٍ وباطلٍ أولى.
وأمَّا قولكم: إنَّ النِّكاح عقدٌ يُمْلك به البُضع، والطَّلاق عقدٌ يخرج به، فنعم، مِن أين لكم برهانٌ من الله ورسوله بالفرق بين العقدين في اعتبار حكم أحدهما، والإلزام به وتنفيذه، وإلغاء الآخر وإبطاله؟
وأمَّا زوال ملكه عن العين بالإتلاف المحرَّم، فذلك ملكٌ قد زال حسًّا، ولم يبق له محلٌّ. وأمَّا زواله بالإقرار الكاذب، فأبعد وأبعد، فإنَّا صدَّقناه ظاهرًا في إقراره، وأزلنا ملكَه بالإقرار المصدَّق فيه وإن كان كاذبًا.
وأمَّا زوال الإيمان بالكلام الذي هو كفرٌ، فقد تقدَّم جوابه، وأنَّه ليس في الكفر حلالٌ وحرامٌ.