للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخطؤنا في جهةٍ واحدةٍ، وإن أصبنا فصوابنا في جهتين، جهة الزَّوج الأوَّل، وجهة الثَّاني، وأنتم ترتكبون أمرين: تحريم الفَرْج على مَن كان حلالًا له بيقينٍ، وإحلاله لغيره، فإن كان خطأً، فهو خطأٌ من جهتين. فتبيَّن أنَّا أولى بالاحتياط منكم، وقد قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب في طلاق السَّكران نظير هذا الاحتياط سواء، فقال: الذي لا يأمر بالطَّلاق إنَّما أتى خصلةً واحدةً، والَّذي يأمر بالطَّلاق أتى خصلتين؛ حرَّمها عليه، وأحلَّها لغيره، فهذا خيرٌ من هذا (١).

وأمَّا قولكم: إنَّ النِّكاح يُدخَل فيه بالعزيمة والاحتياط، ويُخْرَج منه بأدنى شيءٍ.

قلنا: ولكن لا يُخْرَج منه إلا بما نصبَه الله سببًا يخرج به منه، وأذن فيه وأمَّا ما نَصَبه المرءُ مِن (٢) عنده، ويجعله هو سببًا للخروج منه، فكلَّا.

فهذا منتهى أقدام الطَّائفتين في هذه المسألة الضَّيِّقة المعترَك، الوعرة المَسْلَك التي يتجاذب أعِنَّةَ أدلَّتِها الفرسانُ، وتتضاءل لدى صَوْلتها شجاعةُ الشُّجعان، وإنَّما نبَّهنا على مأخَذِها وأدلَّتها ليعلم الغرُّ (٣) الذي بضاعته من العلم مزجاةٌ: أنَّ هناك شيئًا (٤) آخر وراء ما عنده، وأنَّه إذا كان ممَّن قَصُر في العلم باعُه، وضَعُف خلفَ الدَّليل، وتقاصرَ عن جَنْي ثمارِه ذراعُه، فليعذر


(١) سبق ذكرها (ص ٣٠٣).
(٢) في المطبوع: «المؤمن»! وهي مشتبهة في بعض النسخ. ووقع في ز، د، ح: «ينصبه» بدلًا من «نصبه».
(٣) تصحفت في د، ص، م إلى: «الغير».
(٤) د: «سببًا».