للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشمس تجري في وجهه. وما رأيت أحدًا أسرعَ في مشيته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كأنما الأرض تُطْوى له. إنَّا لَنُجْهِد أنفسَنا، وإنَّه لَغيرُ مكترِث» (١).

وقال علي بن أبي طالب: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مشى تكفَّى تكفِّيًا، كأنما ينحَطُّ من صَبَب» (٢). وقال مرةً: «إذا مشى تقلَّعَ» (٣).

قلت: والتقلُّع: الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحَطّ في الصَّبَب. وهي مِشية أولي العزم والهمة والشجاعة. وهي أعدَل المِشْيات وأروَحها للأعضاء وأبعَدها من مِشية الهَوَج والمهانة والتَّماوُت، فإن الماشي إما أن يتماوَت في مِشيته، ويمشي قطعةً واحدةً كأنه خشبة محمولة، وهي مشية مذمومة قبيحة. وإما أن يمشي بانزعاج واضطراب مشي الجمل الأهوَج، وهي مشية مذمومة أيضًا، وهي علامة على خفَّة عقل صاحبها، ولا سيَّما إن كان يُكثر الالتفات حال مشيه يمينًا وشمالًا. وإما أن يمشي هَونًا، وهي مشية


(١) أخرجه عبد الله بن المبارك في «الزهد» (٨٣٨) وأحمد (٨٦٠٤، ٨٩٤٣) والترمذي (٣٦٤٨) وابن حبان (٦٣٠٩) وأبو الشيخ في «أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -» (٤/ ٦٢) والبيهقي في «دلائل النبوة» (١/ ٢٠٨)، فيه ابن لهيعة، ولكن الراوي عنه قتيبة، وهو ملحق بالعبادلة في صحة روايته عن ابن لهيعة، ومع ذلك قال الترمذي: غريب، وضعفه الألباني في «الضعيفة» (٩/ ٢٢٦). وللشطر الأول شاهد عند مسلم (٢٣٤٤/ ١٠٩) من حديث جابر بن سمرة. وانظر تعليق محققي «المسند» (٨٦٠٤).
(٢) أخرجه أحمد (٧٤٦) والترمذي (٣٦٣٧)، وصححه الترمذي والحاكم (٢/ ٦٠٥)، واختاره الضياء (٢/ ٣٦٨، ٣٦٩). وله شاهد من حديث أنس عند مسلم (٢٣٣٠/ ٨٢).
(٣) وهو عند أحمد (١٢٩٩) والترمذي (٣٦٣٨) ــ واللفظ له ــ وقال: «هذا حديث ليس إسناده بمتصل».