للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الرحمن كما وصفهم بها في كتابه فقال: {الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا} [الفرقان: ٦٣]. قال غير واحد من السلف: سكينةً ووقارًا من غير كبر ولا تماوُت (١). وهي مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه مع هذه المشية كان كأنما ينحَطُّ من صَبَب (٢)، وكأنما الأرض تطوى له، حتى كان الماشي معه يُجهِد نفسَه ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غير مكترث. وهذا يدل على أمرين: أن مشيته لم تكن (٣) بتماوت ولا بمهانة، بل أعدل المشيات.

والمِشْيات عشرة أنواع، هذه ثلاثة منها. والرابع: السعي، والخامس: الرَّمَل، وهو أسرع المشي مع تقارُب الخطى ويسمَّى: الخبَب. وفي «الصحيح» (٤) من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبَّ في طوافه ثلاثًا ومشى أربعًا.

والسادس: النَّسَلان، وهو العَدْو الخفيف الذي لا يُزعج الماشي ولا يُكْرِثه (٥). وفي بعض «المساند (٦)» (٧) أن المشاة شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المشي في حَجَّة الوداع، فقال: «استعينوا بالنَّسَلان».


(١) انظر: «تفسير الطبري» (١٧/ ٤٨٩ - ٤٩١) ولم أقف على النص بعينه.
(٢) ما عدا ص: «في صبب».
(٣) في المطبوع بعد «تكن» وبعد «بل» فيما يأتي زيادة: «مشية».
(٤) البخاري (١٦٠٣، ١٦١٧، ١٦٤٤، ١٦٩١) ومسلم (١٢٢٧، ١٢٦١).
(٥) كرَثه الأمر وأكرثَه: اشتدَّ عليه.
(٦) ك، ع: «المسانيد».
(٧) لم أجده في المسانيد المطبوعة. وأخرجه ابن خزيمة (٢٥٣٦، ٢٥٣٧) والحاكم (١/ ٤٤٣، ٢/ ١٠١) والبيهقي (٥/ ٢٥٦) من حديث جابر بن عبد الله بلفظ: «عليكم بالنسلان»، إلا في الموضع الأول عند ابن خزيمة، ففيه: «استعينوا النَّسْل». صححه ابن خزيمة والحاكم والألباني في «الصحيحة» (٤٦٥).