للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى عبد الرزاق (١) أيضًا عن معمر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: جاء رجلٌ إلى ابن مسعودٍ، فقال: إنِّي طلَّقتُ امرأتي تسعًا وتسعين، فقال له ابن مسعودٍ: ثلاثٌ تُبِينُها [منك] (٢)، وسائرهنَّ عدوانٌ.

وذكر أبو داود في «سننه» (٣) عن محمد بن إياس، أنَّ ابن عبَّاسٍ وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم - سُئلوا عن البِكر يُطلِّقها زوجها ثلاثًا، فكلُّهم قال: لا تحلُّ له حتَّى تنكح زوجًا غيره.

قالوا: فهؤلاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما تسمعون قد أوقعوا الثَّلاث جملةً، ولو لم يكن فيهم إلّا (٤) المحدَّث المُلْهَم وحده لكفى، فإنَّه لا يُظَنُّ به تغيير ما شرعه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الطَّلاق الرَّجعيِّ، فيجعله محرَّمًا، وذلك يتضمَّن تحريمَ فرْجِ المرأة على من لم تحرم عليه، وإباحتَه لمن لا تحلُّ له، ولو فعل ذلك عمر لما أقرَّه عليه الصَّحابة، فضلًا عن أن يوافقوه، ولو كان عند ابن عبَّاسٍ حجَّةٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الثَّلاث واحدةٌ لم يخالفْها ويفتي (٥)


(١) برقم (١١٣٤٣)، وكذا سعيد بن منصور (١٠٦٣)، وابن أبي شيبة (١٨٠٩٧، ١٨٠٩٨، ١٨٠٩٩)، والطبراني في «الكبير» (٩٦٣٠)، والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٣٣٢) من طرقٍ عن الأعمش به. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٤/ ٣٣٨): «رجاله رجال الصحيح»، وسيأتي قول ابن حزم: «هذا خبر في غاية الصحة».
(٢) «منك» ليست في النسخ، وزيدت من «المصنف».
(٣) برقم (٢١٩٨)، وكذا أخرجه مالك في «الموطأ» (٢١١٠)، ومن طريقه الشافعي في «المسند» (ص ٢٧١)، وعبد الرزاق (١١٠٧١)، وابن أبي شيبة (١٨١٥٩)، والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٣٣٥،٣٥٥) من طرق عن محمد بن إياس به، وسنده صحيح.
(٤) بعدها «عمر» في المطبوع، وليس في النسخ.
(٥) كذا في النسخ بإثبات الياء، والصواب حذفها، فهي معطوفة على الفعل المجزوم.