بغيرها موافقةً لعمر، وقد عُلِم مخالفتُه له في العَوْل، وحجْبِ الأمِّ بالاثنين من الإخوة والأخوات، وغير ذلك.
قالوا: ونحن في هذه المسألة تَبَعٌ لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهم أعلمُ بسنَّته وشرعه، ولو كان مستقرًّا من شريعته أنَّ الثَّلاث واحدةٌ، وتوفِّي والأمر على ذلك= لم يَخْفَ عليهم، ويعلَمْه مَن بعدهم، ولم يُحْرَموا الصَّوابَ فيه، ويُوفَّقْ له مَن بعدهم، ويَروي حبر الأمَّة وفقيهها خبرَ كون الثَّلاث واحدةً ويخالفه.
قال المانعون من وقوع الثَّلاث: التَّحاكم في هذه المسألة وغيرها إلى من أقسم الله عز وجلّ أصدقَ قسمٍ وأبرَّه، أنَّا لا نؤمن حتَّى نُحكِّمه فيما شجر بيننا، ثمَّ نرضى بحكمه، ولا يَلحقُنا فيه حرجٌ، ونُسلِّم تسليمًا، لا (١) إلى غيره كائنًا من كان، اللَّهمَّ إلا أن تُجمِع الأمة إجماعًا متيقَّنًا لا نشكُّ فيه على حكمٍ، فهو الحقُّ الذي لا يجوز خلافه، ويأبى الله أن تجتمع الأمَّة على خلاف سنَّةٍ ثابتةٍ عنه أبدًا. ونحن قد أوجدناكم من الأدلَّة ما تَثبتُ المسألة به، بل وبدونه، ونحن نناظركم فيما طعنتم به في تلك الأدلَّة، وفيما عارضتمونا به، على أنَّا لا نحكم على أنفسنا إلا نصًّا عن اللَّه، أو نصًّا ثابتًا عن رسوله، أو إجماعًا متيقَّنًا لا شكَّ فيه، وما عدا هذا فعُرْضةٌ للنِّزاعٍ، وغايته أن يكون سائغَ الاتِّباع لا لازمَه، فلتكن هذه المقدِّمة سَلفًا لنا عندكم، وقد قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]. وقد تنازعنا نحن وأنتم في هذه المسألة، فلا سبيلَ إلى ردِّها إلى غير الله ورسوله البتَّةَ، وسيأتي أنَّا أحقُّ بالصَّحابة