للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أصحاب التَّوكيل ــ واللَّفظ لصاحب «المغني» (١) ــ: وقولهم إنَّه تمليك (٢) لا يصحُّ، فإنَّ الطَّلاق لا يصحُّ تمليكه، ولا ينتقل عن الزَّوج، وإنَّما ينوب فيه غيره عنه، فإذا استناب غيره فيه كان توكيلًا لا غير.

قالوا: ولو كان تمليكًا لكان مقتضاه انتقالَ الملك إليها في بُضْعها، وهو محالٌ، فإنَّه لم يخرج عنها، ولهذا لو وُطِئت بشبهةٍ كان المهر لها لا للزَّوج، ولو ملك البضْعَ لملك عِوَضَه، كمن ملك منفعةَ عينٍ كان عوض تلك المنفعة له.

قالوا: وأيضًا فلو كان تمليكًا لكانت المرأة مالكةً للطَّلاق، وحينئذٍ يجب أن لا يبقى الزَّوج مالكًا، لاستحالة كون الشَّيء الواحد بجميع أجزائه مِلْكًا لمالكينِ في زمنٍ واحدٍ، والزَّوج مالكٌ للطَّلاق بعد التَّخيير، فلا تكون هي مالكةً له. بخلاف ما إذا قلنا: هو توكيلٌ واستنابةٌ، كان الزَّوج مالكًا، وهي نائبةٌ ووكيلةٌ عنه.

قالوا: وأيضًا فلو قال لها: طلِّقي نفسكِ، ثمَّ حلف أن لا تُطلِّق، فطلَّقتْ نفسَها حَنِثَ، فدلَّ على أنَّها نائبةٌ عنه، وأنَّه هو المطلِّق.

قالوا: وأيضًا فقولكم: إنَّه تمليكٌ، إمَّا أن تريدوا به أنَّه ملَّكها نفسَها، أو أنَّه ملَّكها أن تُطلِّق، فإن أردتم الأوَّل لزِمكم أن يقع الطَّلاق بمجرَّد قولها: قبلتُ؛ لأنَّه أتى بما يقتضي خروجَ بُضْعها عن ملكه، واتَّصل به القبول (٣)، وإن أردتم الثَّاني فهو معنى التَّوكيل، وإن غُيِّرت العبارة.


(١) (١٠/ ٣٨٢).
(٢) في المطبوع: «توكيل»، تحريف مخالف للنسخ و «المغني» والسياق.
(٣) د: «بالقبول».