للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منصوص الإمام أحمد (١)، فإنَّه قال في «اختاري»: إنَّه لا تملك به المرأة أكثر من طلقةٍ واحدةٍ، إلا بنيَّة الزَّوج، ونصَّ في أمركِ بيدكِ، وطلاقُك بيدكِ، ووكَّلتُكِ في الطَّلاق: على أنَّها تملك به الثَّلاث. وعنه روايةٌ أخرى: أنَّها لا تملكها إلا بنيَّته.

وأمَّا من جعله تطليقًا منجَّزًا، فقد تقدَّم وجهُ قوله وضَعْفه.

وأمَّا من جعله لغوًا، فلهم مأخذان:

أحدهما: أنَّ الطَّلاق لم يجعله الله بيد النِّساء، إنَّما جعله بيد الرِّجال، ولا يتغيَّر شرع الله باختيار العبد، فليس له أن يختار نقْلَ الطَّلاق إلى من لم يُجعَلْ إليه الطَّلاق البتَّةَ.

قال أبو عبيد القاسم بن سلَّامٍ (٢): حدَّثنا أبو بكر بن عيَّاشٍ، ثنا حبيب بن أبي ثابتٍ أنَّ رجلًا قال لامرأةٍ له: إن أدخلتِ هذا العدلَ إلى البيت فأمرُ صاحبتِكِ بيدك، فأدخلتْه ثمَّ قالت: هي طالقٌ، فرُفِع ذلك إلى عمر بن الخطَّاب فأبانَها منه، فمرُّوا بعبد الله بن مسعودٍ فأخبروه، فذهب بهم إلى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ الله تبارك وتعالى جعل الرِّجال قوَّامين على النِّساء، ولم يجعل النِّساء قوَّاماتٍ على الرِّجال، فقال له عمر: فما ترى؟ قال: أراها امرأته، قال عمر: وأنا أرى ذلك. فجعلها واحدةً.

قلت: يحتمل أنَّه جعلها (٣) واحدةً بقول الزَّوج: «فأمرُ صاحبتِكِ بيدكِ»،


(١) انظر: «مسائل الكوسج» (٤/ ١٦٨٦، ١٧٥٧).
(٢) رواه عنه ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ١١٩) معلقًا، وحبيب لم يدرك عمر ولا ابن مسعود.
(٣) م: «أن يجعلها».