للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاوس، كيف كان أبوك يقول في رجلٍ ملَّك امرأتَه (١)، أتملِكُ أن تُطلِّق نفسَها أم لا؟ قال: كان يقول: ليس إلى النِّساء طلاقٌ. فقلتُ (٢) له: فكيف كان أبوك يقول في رجلٍ مَلَّك رجلًا أمْرَ امرأتِه، أيملِك الرَّجلُ أن يُطلِّقها؟ قال: لا.

فهذا صريحٌ من مذهب طاوسٍ أنَّه لا يُطلِّق إلا الزَّوجُ، وأنَّ تمليك الزَّوجة أمْرَها لغوٌ، وكذلك توكيله غيره في الطَّلاق. قال أبو محمد ابن حزم (٣): وهذا قول أبي سليمان وجميع أصحابنا.

الحجَّة الثَّانية لهؤلاء: أنَّ الله سبحانه إنَّما جعل أمر الطَّلاق إلى الزَّوج دون النِّساء؛ ولأنَّهنَّ (٤) ناقصات عقلٍ ودينٍ، والغالب عليهنَّ السَّفه، وتذهب بهنَّ الشَّهوة والميل إلى الرِّجال كلَّ مذهبٍ، فلو جعل أمر الطَّلاق إليهنَّ لم يستقم للرِّجال معهنَّ أمرٌ، وكان في ذلك ضررٌ عظيمٌ بأزواجهنَّ، فاقتضتْ حكمتُه ورحمته أنَّه لم يجعل بأيديهنَّ شيئًا من أمر الفراق، وجعله إلى الأزواج. فلو جاز للأزواج نقْلُ ذلك إليهنَّ، لناقضَ حكمةَ الله ورحمتَه ونظَرَه للأزواج.

قالوا: والحديث إنَّما دلَّ على التَّخيير فقط، فإن اخترن الله ورسوله والدَّار الآخرة كما وقع، كنَّ أزواجه بحالهنَّ، وإن اخترنَ أنفسهنَّ مَتَّعهنَّ وطلَّقهنَّ هو بنفسه، وهو السَّراح الجميل، لا أنَّ اختيارهنَّ لأنفسهنَّ يكون


(١) في المطبوع بعدها: «أمرها»، وليست في النسخ.
(٢) د، ص، ز: «فقلنا». والمثبت من م موافق لما في «المحلى».
(٣) في «المحلى» (١٠/ ١٢٠).
(٤) كذا بإثبات الواو في النسخ. وفي المطبوع بدون الواو.