للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون طلاقًا، وأنَّ لها أن تُطلِّق نفسَها أو أن تختار طلاقًا، فلا يجوز أن يُحَرَّمَ على الرَّجل فرجٌ أباحه الله تعالى له ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - بأقوالٍ لم يُوجِبها الله تعالى ولا رسوله (١). انتهى كلامه.

قالوا: واضطرابُ أقوال المُوقِعين وتناقضُها ومعارضةُ بعضها لبعضٍ يدلُّ على فساد أصلها، ولو كان الأصل صحيحًا لاطَّردتْ فروعه، ولم تتناقضْ ولم تختلفْ، ونحن نشير إلى طرفٍ من اختلافهم.

فاختلفوا: هل يقع الطَّلاق بمجرَّد التَّخيير أو لا يقع حتَّى تختار نفسها؟ على قولين تقدَّم حكايتهما. ثمَّ اختلف الذين لا يُوقِعونه بمجرَّد قوله «أمرك بيدك»: هل يختصُّ اختيارها بالمجلس، أو يكون في يدها ما لم يفسخ أو يطأ؟ على قولين: أحدهما: أنَّه يتقيَّد بالمجلس، وهذا قول أبي حنيفة والشَّافعيِّ ومالك في إحدى الرِّوايتين عنه. والثَّاني: أنَّه في يدها أبدًا حتَّى يفسخ أو يطأ، وهذا قول أحمد وابن المنذر وأبي ثورٍ، والرِّواية الثَّانية عن مالك. ثمَّ قال بعض أصحابه: وذلك ما لم يطُلْ حتَّى يتبيَّن أنَّها تركتْه، وذلك بأن يتعدَّى شهرين.

ثمَّ اختلفوا: هل عليها يمينٌ أنَّها تركت أم لا؟ على قولين.

ثمَّ اختلفوا إذا رجع الزَّوج فيما جَعَلَ إليها: فقال أحمد وإسحاق والأوزاعيُّ والشَّعبيُّ ومجاهد وعطاء: له ذلك، ويَبطل خيارُها. وقال مالك وأبو حنيفة والثَّوريُّ والزُّهريُّ: ليس له الرُّجوع. وللشَّافعيَّة خلافٌ مبنيٌّ على أنَّه توكيلٌ فيملك الموكِّل الرُّجوعَ، أو تمليكٌ فلا يملكه. ثم قال بعض


(١) بعدها في المطبوع: «وهذا في غاية البيان» وليست في النسخ.