للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا المنقول عن ابن مسعودٍ فمختلفٌ، فنُقِل عنه موافقة عليٍّ وزيدٍ في الوقوع، كما رواه ابن أبي ليلى عن الشَّعبيِّ: أنَّ «أمرك بيدك» و «اختاري» سواءٌ في قول علي وابن مسعودٍ وزيد (١)، ونقل عنه فيمن قال لامرأته: «أمرُ فلانة بيدكِ إن أدخلتِ هذا العدلَ البيتَ»، ففعلتْ، أنَّها امرأته، ولم يُطلِّقها عليه (٢).

وأمَّا المنقول عن ابن عبَّاسٍ وعثمان فإنَّما هو فيما إذا أضافت المرأةُ الطَّلاقَ إلى الزَّوج، وقالت: أنت طالقٌ. وأحمد وغيرُه (٣) يقولان ذلك مع قولهما بوقوع الطَّلاق، إذا اختارتْ نفسَها أو طلَّقتْ نفسَها.

فلا يُعرَف عن أحدٍ من الصَّحابة إلغاءُ التَّخيير والتَّمليكِ البتَّةَ إلا هذه الرِّواية عن ابن مسعودٍ، وقد رُوِي عنه خلافها، والثَّابت عن الصَّحابة اعتبارُ ذلك ووقوعُ الطَّلاق به، وإن اختلفوا فيما تملك به المرأة كما تقدَّم.

والقول بأنَّ ذلك لا أثرَ له لا يُعرَف عن أحدٍ من الصَّحابة البتَّةَ، وإنَّما وهِمَ أبو محمد في المنقول عن ابن عبَّاسٍ وعثمان، ولكن هذا مذهب طاوسٍ، وقد نُقل عن عطاء ما يدلُّ على ذلك، فروى عبد الرزاق (٤) عن ابن جريجٍ، قلت لعطاء: رجلٌ قال لامرأته: أمركِ بيدكِ بعد يومٍ أو يومين، قال:


(١) أخرجه البيهقي (٧/ ٣٤٩)، وعبد الرزاق (١١٩٧١) وفيه: «عمر» مكان «ابن مسعود».
(٢) سبق قريبًا.
(٣) في المطبوع: «ومالك» خلاف جميع النسخ.
(٤) في «المصنف» (١١٩٤٨، ١١٩٥٤)، وسنده صحيح. وهو في «المحلى» (١٠/ ١١٩) بلفظ المؤلف.