للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن ينسب إلى مذهبه خلاف هذا. ونصَّ أحمد على أنَّه إذا قال (١): أنتِ عليَّ كظهر أمِّي، أعني به الطَّلاق، أنَّه ظهارٌ ولا تَطْلُق به، وهذا لأنَّ الظِّهار كان طلاقًا في الجاهليَّة فنُسِخ، فلم يجز أن يُعاد إلى الحكم المنسوخ.

وأيضًا فأوس بن الصامت إنَّما نوى به الطَّلاق على ما كان عليه، وأجرى عليه حكم الظِّهار دون الطَّلاق.

وأيضًا فإنَّه صريحٌ في حكمه، فلم يجزْ جعلُه كنايةً في الحكم الذي أبطله الله عزَّ وجلَّ بشرعه، وقضاء الله أحقُّ، وحكم الله أوجبُ.

ومنها: أنَّ الظِّهار حرامٌ لا يجوز الإقدام عليه؛ لأنَّه كما أخبر الله عنه منكرٌ من القول وزورٌ، وكلاهما حرامٌ. والفرق بين جهةِ كونه منكرًا وجهةِ كونه زورًا أنَّ قوله: أنتِ عليَّ كظهر أمِّي يتضمَّن إخباره عنها بذلك وإنشاءه تحريمها، فهو يتضمَّن إخبارًا وإنشاءً، فهو خبرُ زورٍ، وإنشاءٌ منكرٌ، فإنَّ الزُّور هو الباطل خلاف الحقِّ الثَّابت، والمنكر خلاف المعروف. وختم سبحانه الآية بقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة: ٢]، وفيه إشعارٌ بقيام سبب الإثم الذي لولا عفو الله ومغفرته لوَاخَذَ به.

ومنها: أنَّ الكفَّارة لا تجب بنفس الظِّهار، وإنَّما تجب بالعَود، وهذا قول الجمهور. وروى الثَّوريُّ عن ابن أبي نَجيحٍ عن طاوسٍ قال: إذا تكلَّم بالظِّهار فقد لزمه (٢)، وهذه رواية ابن أبي نَجيحٍ عنه، وروى معمر عن ابن (٣)


(١) انظر: «المغني» (١٠/ ٣٩٧).
(٢) أورده ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٥١) من طريق ابن مهدي عن الثوري به، ورجاله ثقات، وعزاه إليه ابنُ قدامة في «المغني» (١١/ ٧٣).
(٣) «ابن» ساقطة من المطبوع.