للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاوسٍ، عن أبيه في قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] قال: جعلها عليه كظهر أمِّه، ثمَّ يعود فيطؤها، فتحريرُ رقبةٍ (١).

وحكى النَّاس عن مجاهد (٢): أنَّه تجب الكفَّارة بنفس الظِّهار، وحكاه ابن حزمٍ (٣) عن الثَّوريِّ وعثمان البتِّيِّ. وهؤلاء لم يَخْفَ عليهم أنَّ العَود شرطٌ في الكفَّارة، ولكن العود عندهم هو العود إلى ما كانوا عليه في الجاهليَّة من التَّظاهر، كقوله تعالى في جزاء الصَّيد: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}، أي عاد إلى الاصطياد بعد نزول تحريمه، ولهذا قال: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة: ٩٥].

قالوا: ولأنَّ الكفَّارة إنَّما وجبت في مقابلة ما تكلَّم به من المنكر والزُّور، وهو الظِّهار، دون الوطء أو العزم عليه.

قالوا: ولأنَّ الله سبحانه لمَّا حرَّم الظِّهار ونهى عنه كان العود هو فعل المنهيِّ عنه، كما قال تعالى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: ٨]، أي: إن عدتم إلى الذَّنب عدنا إلى العقوبة. فالعود هنا (٤) نفس فعل المنهيِّ عنه.

قالوا: ولأنَّ الظِّهار كان طلاقًا في الجاهليَّة، فنقلَ حكمَه من الطَّلاق إلى


(١) أورده ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٥١) من طريق عبد الرزاق به، وأخرجه بنحوه عبد الرزاق كما في «الأمالي في آثار الصحابة» (ص ٢٣) من طريق معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: «ثم يعودون لما قالوا» قال: يريد الوطء.
(٢) حكاه عنه في «الفتح» (٩/ ٤٣٣)، و «المغني» (١١/ ٧٢).
(٣) في «المحلى» (١٠/ ٥١).
(٤) في النسخ: «منا».