للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومع هذا فهذه الآية تُبيِّن المراد من آية الظِّهار، فإنَّ عودهم لما نُهوا عنه هو رجوعهم إلى نفس المنهيِّ، وهو النَّجوى، وليس المراد به إعادة تلك النَّجوى بعينها، بل رجوعهم إلى المنهيِّ عنه. وكذلك قوله في الظِّهار: {يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} أي لقولهم، فهو مصدرٌ بمعنى المفعول، والقول هو تحريم الزَّوجة بتشبيهها بالمحرَّمة، فالعود إلى المحرَّم هو العود إليه، وهو فعله. فهذا مأخذ من قال: إنَّه الوطء.

ونكتة المسألة أنَّ القول في معنى المقول، والمقول هو التَّحريم، والعود له هو العود إليه، وهو استباحته عائدًا إليه بعد تحريمه، وهذا جارٍ على قواعد اللُّغة والعربيَّة (١) واستعمالها، وهذا الذي عليه (٢) جمهور السَّلف والخلف، كما قال قتادة وطاوس والحسن والزُّهريُّ ومالك وغيرهم (٣)،

ولا يُعرف


(١) في المطبوع: «اللغة العربية» خلاف النسخ.
(٢) م: «دل عليه».
(٣) أما قول طاوس فقد سبق قريبًا. وأما قول قتادة فأخرجه عبد الرزاق (١١٤٧٧) والطبري في «تفسيره» (٢٣/ ٢٢٨) واللفظ له، من طريق سعيد ومعمر عنه قال: ثم يريد أن يعود لها فيطأها. وسنده صحيح.

وأما الحسن فقد أخرج الطبري في تفسيره (٢٣/ ٢٣١) من طريق وُهيب عن يونس في قوله تعالى: «ثم يعودون لما قالوا» قال: بلغني عن الحسن أنه كره للمظاهر المسيس.
وأما قول الزهري فأخرجه ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٥١) معلَّقًا من طريق ابن وهب عن يونس عنه قال: يعود لمسِّها.
وأما قول مالك ففي «الموطأ» (١٦١٨) قال: «تفسير ذلك أن يتظاهر الرجل من امرأته، ثم يجمع على إمساكها وإصابتها. فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة».
وانظر أقوالهم في: «الإشراف» (٥/ ٢٩٣)، و «الإقناع» لابن المنذر (١/ ٣٢١)، و «المحلى» (١٠/ ٥١)، و «الاستذكار» (٦/ ٥٧)، و «المغني» (١١/ ٧٣)، و «شرح السنة» (٩/ ٢٤٣).