للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتَّى تمضي الأربعة أشهر (١)، فحينئذٍ يقال له: إمَّا أن تفيء، وإمَّا أن تطلِّق، وإن لم يفئ أُخِذ بإيقاع الطَّلاق، إمَّا بالحاكم وإمَّا بحبسه حتَّى يطلِّق.

قال الموقعون للطَّلاق بمُضِيِّ المدَّة: آية الإيلاء تدلُّ على ذلك من ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: أنَّ عبد الله بن مسعودٍ قرأ: (فإن فاءوا فيهنَّ فإنَّ الله غفورٌ رحيمٌ)، فإضافة الفيئة إلى المدَّة تدلُّ على استحقاق الفيئة فيها. وهذه القراءة إمَّا أن (٢) تُجرى مُجرى خبر الواحد، فتُوجِب العملَ وإن لم تُوجِب كونَها من القرآن، وإمَّا أن تكون قرآنًا نُسِخ لفظه وبقي حكمه، لا يجوز فيها غير هذا البتَّة.

الثَّاني: أنَّ الله سبحانه جعل مدَّة الإيلاء أربعة أشهرٍ، فلو كانت الفيئة بعدها لزادت على مدَّة النَّصِّ، وذلك غير جائزٍ.

الثَّالث: أنَّه لو وطئها في مدَّة الإيلاء لوقعت الفيئةُ موقعَها، فدلَّ على استحقاق الفيئة فيها.

قالوا: ولأنَّ الله سبحانه جعل لهم تربُّصَ أربعة أشهرٍ، ثمَّ قال: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ}، وظاهر هذا أنَّ هذا التَّقسيم في المدَّة التي لهم فيها التربُّصُ، كما إذا قال لغريمه: أصبر عليك بديني أربعة أشهرٍ، فإن وفَّيتَني وإلَّا حبستُك، فلا يُفهَم من هذا إلا: إن وفَّيتَني في المدَّة، ولا يُفهم منه: إن وفَّيتَني بعدها، وإلَّا كانت مدَّة الصَّبر أكثر من أربعة أشهرٍ، وقراءة ابن


(١) «أشهر» ليست في م، ح.
(٢) «أن» ليست في م.