للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتجعل له فرجًا ومخرجًا ممَّا نزل به، وتَدَعُ النَّوعَ الآخر في الآصار والأغلال لا فرجَ له ممَّا نزل به ولا مخرجَ، بل يستغيث فلا يُغاث، ويستجير فلا يُجار، إن تكلَّم تكلَّم بأمرٍ عظيمٍ، وإن سكت سكت على مثله، قد ضاقت عنه الرَّحمة التي وَسِعَتْ من تصحُّ شهادته، وهذا تأباه الشَّريعة الواسعة الحنيفيَّة السَّمْحة.

قال الآخرون: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٦]. وفي الآية دليلٌ من ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: أنَّه سبحانه استثنى أنفسَهم من الشَّهداء، وهذا استثناءٌ متَّصلٌ قطعًا، ولهذا جاء مرفوعًا.

والثَّاني: أنَّه صرَّح بأنَّ الْتِعانهم شهادةٌ، ثمَّ زاد سبحانه هذا بيانًا فقال: {(٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ} [النور: ٨].

الثَّالث (١): أنَّه جعله بدلًا من الشُّهود، وقائمًا مقامَهم عند عدمهم.

قالوا: وقد روى عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا لِعانَ بين مملوكينِ ولا كافرينِ»، ذكره أبو عمر (٢) في «التَّمهيد» (٣).


(١) ص، د، م، ح: «الثاني».
(٢) بعده في المطبوع: «بن عبد البر». وليست في الأصول.
(٣) (٦/ ١٩٢) وقال إثره: «وهذا حديث ليس دون عمرو بن شعيب من يحتج به». وقال القرطبي في «المفهم» (٤/ ٢٩٦ - ٢٩٧) بعد إيراده هذا الحديث وما في معناه: «ولا يصح منها كلها شيء عند المحدثين».