للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأسقط الحدَّ عنه وأوجبه عليها. وهذا أحسنُ ما يكون من الحكم، ومَن أحسنُ من الله حكمًا لقوم يوقنون. وقد ظهر بهذا أنَّه يمينٌ فيها معنى الشَّهادة، وشهادةٌ فيها معنى اليمين.

وأمَّا حديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه، فما أبينَ دلالتَه لو كان صحيحًا بوصوله إلى عمرو، ولكن في طريقه إلى عمرو مهالكُ ومفاوزُ. قال أبو عمر بن عبد البرِّ (١): ليس دون عمرو بن شعيبٍ من يُحتجُّ به.

وأمَّا حديثه الآخر الذي رواه الدَّارقطنيُّ، فعلى طريق الحديث عثمان بن عبد الرَّحمن الوقَّاصيُّ، وهو متروكٌ بإجماعهم، فالطَّريق به (٢) مقطوعةٌ.

وأمَّا حديث عبد الرزاق، فمراسيل الزُّهريِّ عندهم ضعيفةٌ لا يُحتجُّ بها، وعتَّاب بن أَسِيد كان عاملًا للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على مكَّة، ولم يكن بمكَّة يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ البتَّةَ حتَّى يوصيه أن لا يلاعنَ بينهما.

قالوا: وأمَّا ردُّكم لقوله: «لولا ما مضى من الأيمان لكان لي ولها شأنٌ»، وهو حديثٌ رواه أبو داود في «سننه»، وإسناده لا بأس به. وأمَّا تعلُّقكم فيه على عبَّاد بن منصورٍ فأكثر ما عِيبَ عليه أنَّه قدريٌّ داعيةٌ إلى القدر، وهذا لا يوجب ردَّ حديثه، ففي الصَّحيح الاحتجاجُ بجماعةٍ من القدريَّة والمرجئة والشِّيعة ممَّن عُلِم صدقه. ولا تَنافيَ بين قوله: «لولا ما مضى من كتاب الله» و «لولا ما مضى من الأيمان»، فيُحتاجَ إلى ترجيح أحد اللَّفظين وتقديمه على


(١) في «التمهيد» (٦/ ١٩٢).
(٢) «به» ليست في د، ص، ب.