للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتلاعنين أن لا يجتمعان أبدًا. قال: وروي عن عمر بن الخطَّاب أنَّه قال: يُفرَّق بينهما ولا يجتمعان أبدًا (١). وإلى هذا ذهب أحمد والشَّافعيُّ ومالك والثَّوريُّ وأبو عبيد وأبو يوسف.

وعن أحمد روايةٌ أخرى: أنَّه إن (٢) أكذبَ نفسَه حلَّت له وعاد فراشه بحاله، وهي روايةٌ شاذَّةٌ شذَّ بها حنبل عنه. قال أبو بكر: لا نعلم أحدًا رواها غيره. وقال صاحب «المغني» (٣): وينبغي أن تُحمل هذه على ما إذا لم يُفرِّق الحاكمُ بينهما، فأمَّا مع تفريق الحاكم بينهما فلا وجهَ لبقاء النِّكاح بحاله.

قلت: الرِّواية مطلقةٌ، ولا أثرَ لتفريق الحاكم في دوام التَّحريم، فإنَّ الفُرقة الواقعة بنفس اللِّعان أقوى من الفرقة الحاصلة بتفريق الحاكم، فإذا كان إكذابُ (٤) نفسِه مؤثِّرًا في تلك الفرقة القويَّة رافعًا للتَّحريم النَّاشئ منها، فلَأن (٥) يُؤثِّر في الفرقة التي هي دونها ويرفع تحريمَها أولى.

وإنَّما قلنا: إنَّ الفرقة بنفس اللِّعان أقوى من الفرقة بتفريق الحاكم؛ لأنَّ


(١) أخرجه عبد الرزاق (١٢٤٣٣) والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٤١٠) من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي عنه. وسنده ضعيف للانقطاع، فإبراهيم لم يدرك عمر. لكن يشهد له ما قبله.
(٢) د: «إذا». وسقطت من ز.
(٣) (١١/ ١٤٩).
(٤) م: «أكذب».
(٥) م، د، ز: «فلا»، خطأ.