للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو يُلحِقه بالمدَّعين وإن كثروا. وقال القاضي (١): يجب أن لا يُلْحَق بأكثر من ثلاثةٍ، وهو قول محمد بن الحسن. وقال ابن حامد: لا يُلحَق بأكثر من اثنين، وهو قول أبي يوسف.

فمن لم يُلحِقه بأكثر من واحدٍ قال: قد أجرى الله سبحانه عادته أنَّ للولد أبًا واحدًا وأمًّا واحدةً، ولذلك يقال: فلان بن فلانٍ، وفلان بن فلانة فقط، ولو قيل: فلان بن فلانٍ وفلانٍ لكان ذلك منكرًا وعُدَّ قذفًا. ولهذا إنَّما يقال يوم القيامة: أين فلان بن فلانٍ؟ (٢) وهذه غَدْرة فلان بن فلانٍ (٣). ولم يُعهَد قطُّ في الوجود نسبةُ ولدٍ إلى أبوين قطُّ.

ومن ألحقَه باثنين احتجَّ بقول عمر وإقرار الصَّحابة له على ذلك، وبأنَّ الولد قد ينعقد من ماء رجلين كما ينعقد من ماء الرَّجل والمرأة. ثمَّ قال أبو يوسف (٤): إنَّما جاء الأثر بذلك فيُقتَصر عليه.

وقال القاضي: لا يُتعدَّى به ثلاثةٌ؛ لأنَّ أحمد إنَّما نصَّ على الثَّلاثة. والأصل أن لا يُلحَق بأكثر من واحدٍ، وقد دلَّ قول عمر على إلحاقه باثنين مع


(١) كما في «المغني» (٨/ ٣٧٨).
(٢) أخرجه أحمد (٢١٦٩٣) والدارمي (٢٦٩٤) وأبو داود (٤٩٤٨) وغيرهم عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم تُدعَون يومَ القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسمائكم». وصححه ابن حبان (٥٨١٨)، وحسَّنه المؤلف في «تحفة المودود» (ص ١٦٣). وقال أبو داود بعد روايته: ابن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء.
(٣) أخرجه البخاري (٦١٧٧، ٦١٧٨) من حديث ابن عمر، ومسلم (١٧٣٥، ١٧٣٦) من حديث ابن عمر وابن مسعود.
(٤) انظر: «المغني» (٨/ ٣٧٨).