يومئذٍ ثبتَ نسبُه، فلا يرجع بما اقتسم قبله من الميراث؛ إذ لم يكن حكم البنوَّة ثابتًا، وما أدرك من ميراثٍ لم يُقسَم فله نصيبُه منه؛ لأنَّ الحكم ثبت قبل قِسمةِ الميراث، فيستحقُّ منه نصيبَه (١).
وهذا نظيرُ من أسلم على ميراثٍ قبل قَسْمِه، قُسِمَ له في أحد قولي العلماء، وهو إحدى الرِّوايتين عن أحمد. وإن أسلم بعد قَسْم الميراث فلا شيء له. فثبوتُ النَّسب هاهنا بمنزلة الإسلام بالنِّسبة إلى الميراث.
قوله:«ولا يَلْحَق إذا كان أبوه الذي يُدعى له أنكره»، هذا يُبيِّن أنَّ التَّنازع بين الورثة، وأنَّ الصُّورة الأولى أن يستلحقه ورثة أبيه الذي كان يُدعى له. وهذه الصُّورة إذا استلحقه ورثته، وأبوه الذي يُدعى له كان ينكر، فإنَّه لا يَلْحَق؛ لأنَّ الأصل الذي الورثةُ خَلَفٌ عنه مُنكِرٌ له، فكيف يلحق به مع إنكاره؟ فهذا إذا كان من أمةٍ يملكها. وأمَّا إذا كان من أمةٍ لم يملكها، أو من حرَّةٍ عاهَرَ بها، فإنَّه لا يَلْحَق ولا يرِث وإن ادَّعاه الواطئ، وهو ولدُ زِنْيةٍ من حرّة كان أو من أمة. وهذا حجَّة الجمهور على إسحاق ومن قال بقوله: إنَّه لا يلحق بالزَّاني إذا ادَّعاه، ولا يرثه، وأنَّه ولدُ زِنًا لأهلِ أمِّه من كانوا، حرَّةً كانت أو أمةً. وأمَّا ما اقتسم من مالٍ قبل الإسلام فقد مضى. فهذا الحديث يردُّ قول إسحاق ومن وافقه، لكن فيه محمَّد بن راشدٍ، ونحن نحتجُّ بعمرو بن شعيبٍ، فلا نُعلِّل الحديث به، فإن ثبت هذا الحديث تعيَّن القولُ بموجبه والمصيرُ إليه، وإلَّا فالقول قول إسحاق ومن معه، والله المستعان.