للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا تقرَّر هذا الأصل فهو أصلٌ مطَّردٌ منضبطٌ لا تتناقض فروعه، بل إن اتَّفقت القرابة والدَّرجة واحدةٌ قُدِّمت الأنثى على الذَّكر، فتُقدَّم الأخت على الأخ، والعمَّة على العمِّ، والخالة على الخال، والجدَّة على الجدِّ، وأصله تقديم الأمِّ على الأب.

وإن اختلفت القرابة قُدِّمت قرابة الأب على قرابة الأمِّ، فتُقدَّم الأخت للأب على الأخت للأمِّ، والعمَّة على الخالة، وعمَّة الأب على خالته، وهلمَّ جرًّا.

وهذا هو الاعتبار الصَّحيح والقياس المطَّرد، وهذا هو الذي قضى به سيِّد قضاة الإسلام شُريح، كما روى وكيعٌ في «مصنَّفه» (١) عن الحسن بن عقبة، عن سعيد بن الحارث قال: اختصم عمٌّ وخالٌ إلى شُريح، فقضى به للعمِّ، فقال الخال: أنا أُنفِق عليه من مالي، فدفعه إليه شريح.

ومن سلك غير هذا المسلك لم يجد بدًّا من التَّناقض، مثاله: أنَّ الثَّلاثة وأحمد في إحدى روايتيه يُقدِّمون أمَّ الأمِّ على أمِّ الأب، ثمَّ قال الشَّافعيُّ في ظاهر مذهبه، وأحمد في المنصوص عنه: تُقدَّم الأخت للأب على الأخت للأمِّ، فتركوا القياس. وطرده أبو حنيفة والمزني وابن سريج (٢) فقالوا: تُقدَّم الأخت للأمِّ على الأخت للأب. قالوا: لأنَّها تُدلِي بالأمِّ، والأختُ للأب بالأب، فلمَّا قُدِّمت (٣) الأمُّ على الأب قُدِّم من يُدلِي بها على من يُدلِي به.


(١) من طريقه أخرجه ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٣٢٤)، وتصحف فيه «عقبة» إلى «عتبة».
(٢) ز، ح، د: «ابن شريح»، تصحيف.
(٣) د، ص: «تقدمت».